وآدب منه أدباً، ثم هو أدخل منه في السلفية الصالحة دخولاً يقوم شاهداً عليه عدد وافر من القرون.
٤ - ورابعاً تقول:(ولكن سكوت الأزهريين عن الانتصار للشيخ المرصفي أزعجني وكنت أرجو أن يكونوا درعاً واقية لذلك الشيخ الجليل وهو رجل لم ير مثله الأزهر منذ أجيال طوال). وأنا أصدقك القول يا صديقي بغض النظر عن نصيب هذا التفضيل الذي أسبغته على الشيخ من الحقيقة والواقع، بأن عبارتك هذه من باب الاستعداء الذليل والملق الرخيص الذي ينقص منك ولا يزيد فيك، فقد فاتك أن الأزهريين يقدسون حرية البحث في دراساتهم أول ما يقدسون، وأنهم يرثون المبرد قبل أن يرثوا المرصفي، وأن ديدنهم في ماضيهم وحاضرهم يأبى عليهم إجابتك إلى ما تطلب، لما يحسونه في طلبتك من غرض وهوى، ولأنه إذا كانت هناك حقيقة اعتدى عليها كان من شأن هذا الاعتداء أن يحفزهم على نصرتها من دون صراخ لك فيها ولا استعداء منك بشأنها.
٥ - وخامساً تعتبر مضايقتي بلاء لصداقتي، والسكوت عن المرصفي بلاء لأستاذيته، ثم تخرج من هذه الحيرة بنقل القضية من وضع إلى وضع، لتصيرها أدبية بعد أن كانت شخصية، ثم تعلن عن هذه الخصومة فإذا هي أمران، أحدهما زعمك أني زعمت الشيخ المرصفي قد سرق بعض أفكاري، وإهابتك بي أن أستعد للدفاع عن النظرية التي نهبتها من كتابك النثر الفني ونشرتها في مجلة السراج، والآخر أنني أستر جنايتي على المبرد بجنايتي على المرصفي، وأنك ستعرفني أن تهذيبي للكامل لم يكن إلا جناية أدبية، وأن التطاول على مقام الشيخ المرصفي لا يذهب بلا عقاب.
ورأيي لك يا صديقي في الأمر الأول، أمر سرقتي من نثرك إلى مجلة السراج قد سمعت فيه كلمتي الثانية هذه التي سقتها إليك بشأنه، واثقاً أن لك فيها دواء ناجعاً من الادعاء وشفاء شافياً من الغرور، وراجياً أن تكون أهلاً لثقتي هذه فيك.
أما رأيي لك عن الأمر الثاني فقد أنبأتك آنفاً بإرجائه إلى ما بعد كلمتي هذه والسابقة، لأنه موضع الخصومة وفيه سيكون النزال. وأني بهذه الخصومة لجد مسرور، أتدري لماذا؟ لأني سأعرضك فيها للجمهور على حقيقتك التي غشيتها ما غشيتها، وتسامح الناس فيها معك ما تسامحوا. وسيكون أول كشف لك فيما عملت، واقعاً على زهر الآداب إن شاء الله،