[رسالة الشعر]
من أدب الحرب
محنة فرنسا
للأستاذ محمود غنيم
رحماكَ ربِّ إلام تصلى نارَها؟ ... فنَى العباد ولم تضع أوزارَها
غابت ملائكة السلام وأصبحت ... تذرو أبالسة الجحيم غبارها
قبضت على سكانها يدُ مارد ... جعل الصبيب من الدماء بحارها
رقطاء حول الكون لفَّتْ جسمَها ... فقضت عليه وما قضت أوطارها
في كل وادٍ ثورة مشبوبة ... لا يطفئ البحرُ الخضم شرارها
حتى كأن الأرض من إعيائها ... سكنت وأخطأت النجوم مدارها
كتب الفناء على البرية ويحهم ... ما بالهم يستعجلون دمارها؟
زمر من الأسماك ناطقة إذا ... ما جاعت ازدرد الكبار صغارها
حرب رأيت الجوع بعض سهامها ... فرضت على المتراشقين حصارها
غدت الجبال الشامخات سفينها ... والزاحفات من الحديد مهارها
الزيت والبترول من آلاتها ... والعلم ينفخ إن خبت أكوارها
قد سيَّرت فوق الثرى دبَّابها ... وإلى الكواكب صعَّدت طيارها
ملأت قذائفها المحيط فعكرت ... زبد البحار وكدرت أغوارها
يا بحر ما فعلت مياهك ويحها ... برفات قوم يسكنون قرارها؟
كم لابن آدم في المحيط عجائبا ... قلَّتْ عجائبه الكثيرة جارها
ضجت بنات الماء منه وأوشكت ... تجفو الطيور لأجله أوكارها
يا رُبَّ شعب في حماه وادعٍ ... جرفته لجتها فخاض غمارها
ومحاربين لغيرهم أسلابها ... لكنهم يتحملون خسارها
وذوى عروش طوحت بعروشهم ... وتخطفت من حولها أمصارها
تتطاير التيجان عن أربابها ... كالقِدر ترسل في الفضاء بخارها