لو كانت الرصاصة التي صرعت برنادوت عربية لقل العجب، لأنه كان مع اليهود على العرب. ولكن حاشا للعربي أن يغدر. حاشا للعربي أن يقتل من لا يهاجمه. حاشا للعربي أن يقتل أعزل أو شيخاً أو طفلا يهودياً!
كان العرب يحمون برنادوت وهو في ديارهم، ولقد كان النقراشي باشا يبث العيون من حوله لوقايته من غدر اليهود الخونة وهو في مصر.
برنادوت خدم اليهود: أيد التقسيم وغض النظر عن السلاح الذي كان يهرب إلى تل أبيب، وغض النظر عن المهاجرين اليهود الذين كانوا يتسربون إلى فلسطين، وغض النظر مائة مرة عن خرق اليهود للهدنة!
رحمه الله! حابي اليهود كثيراً! ولكن اليهود كانوا يريدون أن يكتب في تقريره بأن كل فلسطين وشرق الأردن هما حق حلال لليهود! فلم يكتب هكذا فقتلوه!.
كان يريد تجريد بيت القدس من السلاح، وهم يريدونه عاصمة دولة إسرائيل فقتلوه! كانوا يريدون مرفأ حيفا مفتوحاً على مصراعيه، وهو يريد أقفاله ريثما تسوي مسألة فلسطين فقتلوه! كانوا يحرمون عليه أن يبعث بتقرير عن نقضهم للهدنة إلى مجلس الأمن، فلم يستطيع أن يمتنع فقتلوه! كانوا يريدون أن يخرج من فلسطين على الإطلاق، فلم يجرؤ أن يترك المهمة التي أنتدب لها فاغتالوه! لماذا؟ لأنه لم يكن يستطيع أن يملكهم كل فلسطين! ما كان يجوز أن يفعله العرب ببرنادوت لأنه أوثقهم بالحبال والحديد فعله اليهود!
إن هؤلاء الأوغاد لم يعودوا يقنعون بحصة من فلسطين، بل صاروا يطمعون فيها كلها وبشرق الأردن معها وبسائر بلاد العرب كلها. فلما مرت طائرة عربية من لبنان إلى عمان تعقبوها وأسقطوها على الرغم من أن قائدها أبلغهم باللاسلكي أنه ينقل ركاباً مدنيين، وكان يظنهم من رجال هيئة الأمم الرقباء قد أخطئوا فحاول أن يصحح خطأهم، ولكنهم كانوا أرذالا يقصدون الشر مجاناً. فحطموا الطيارة وذهب ضحيتها صحفيان، ولا ندري ماذا يكون حكم الصحف التي يمتثلانها؟!.
لقد ثبت أن تقرير برنادوت كان أصلح لليهود من قرار التقسيم ولكن اليهود توقحوا فلم