هذا ربيعكما يا فتاتي الفاتنة ويا طفلتي الجميلة: صفاء من سلام النفس يفيض بشراً في العين وطلاقة في الوجه، ورُواء من ألَق الشباب يشع نوراً في السماء وسروراً في الأرض، ورخاء من نعيم الطبيعة ينتشر عطوراً في الجو وزهوراً في الروض، وانتشاء من رحيق العيش يشيع لذة في الحس وبهجة في القلب، وهدهدة على أرجوحة الحب تذهب مع الأمل الباسم وترجع مع الرضى السعيد
هذا ربيعكما يا فتاتي الفاتنة ويا طفلتي الجميلة: استغراق في أمان الله، وإطلاق لمتاع الحياة، واتساق ربيع العمر مع ربيع العام، واتحاد الجمال البشري بالجمال الإلهي الماثل في وشاء الحقول وأفواف الخمائل وأعطار النسيم وألحان الطير وأنفاس الأحبة. فأين - بالله ربكما - أجد الفرق بينكما وبين ملكين يعتنقان في نشوة الخلد، ويأتلقان في وضاءة الفردوس؟ أفي النظرة الساهمة، أم في البسمة الحالمة، أم في الفتنة النائمة، أم في الخلو الحقيق بالطهر، أم في الحنو الخليق بالأمومة، أم في الذهول الغريق في اللذة، أم في الصبي الذي يضوع بريح الجنة، أم في الحلم الذي يصل باللانهاية؟
هذا ربيعكما يا فتاتي الفاتنة ويا طفلتي الجميلة؛ وما كان أحرى الناس أن يكون لكل امرئ ربيع مثله! ولكن النفوس إذا عاث فيها الشر أجدبت فلا تُربْع، واضطربت فلا تطمئن! هذا ربيعنا يا زهرتي النضيرتين يلفح بالسَّموم ويطفح بالهموم ويضطرم بالعداوة! كأنما استخلف الله الشياطين على حكم الأرض؛ ففي كل دولة إبليس، وفي كل أمة جهنم. ومن طباع الأباليس كراهة الفراديس. فهم لا يريدون سلاماً في وطن، ولا يحبون ربيعاً في زمن، ولا يدعون آدم في جنة. هذا مَفيستو فولِس النازي وشمهورش الفاشي أصابهما الله بنمو القرون فجأة، فتأبَّها وًتألها ونازعاه ملكوت الأرض، فأحدهما يريد أن يعبده الغرب، والآخر يريد أن يعبده الشرق؛ وهما لذلك يحشدان كل ما في الجحيم من سُموم ونيران وحُمم ليدمرا في أيام معدودات سكان الدنيا وحضارة الدهر! والعالم كله قد وقف أمام الشيطانين موقف الدفاع لا تنتج معامله غير الخراب، ولا تخرج مصانعه غير الموت، ولا تحرك دوله غير الجيوش، ولا يفكر ناسه إلا في الحصون والخنادق والأسلحة والمخابئ والأقنعة!
فكيف يكون لربيعنا في هذا الجدب ازدهار، ولنفوسنا على هذا الفزع استقرار، ولحضارتنا