للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مطالعاتي حول المدفأة]

ساحرة الجبال

للأستاذ صلاح الدين المنجد

نَعِمْت الليلة بزورة من آنستي. فجفوتُ حديقة أبيقور، وكنتُ أرتع فيها منذ ثلاث، وجلست بين يديها؛ فهي كتاب حي كله إبداع وإغراء. وهي بساّمة جذابة، كأن جسمها الأهيف ظَرْفُ فتونٍ وعطور، وكأن ثغرها الحبيب جمرة ترفّ ولهب يفور. ولا سبيل إلى الإنكار فهي حلوة بارعة الجمال

دخلت عليّ تقفز وتضحك، وإذا ضحكت آنستي، فالدلُ الناعم، والنَغْم الجذاب. فرمت قفازها في الأرض، وفراءها الأشقر على نضد الزهور، واقتربت من المدفأة جذلى وهي تقول:

- مررتُ، وأنا آتية إليك، بعجوز. فدفعُتها فانغمست في الطين!

ثم قهقت، فقلت

- أوه. . .! ولم إذاً؟. . .

- طلبت قرشاً وألحت، ثم أمسكت بفرائي، فزجرتها، فتبعتني، فدفعتُها وأسرعت!

وآنستي لعوب يروقها أن تعبث بالعجائز كلما صادفتهن، فتغمز بهن، وتسخر منهن، كأن ثاراً لا يدرك بينها وبينهنّ.

قلت لها وقد جلست أمامي تجعد شعرها والمقعد يصيح تحتها:

- أراكِ مسرورة، ألا تخافين؟

- هه. . . ومما أخاف؟. . .

- أن يصيبك - مثلاً - ما أصاب الأميرة التي طردت الساحرة العجوز لماّ سألتْها قطعة من اللحم

- وماذا أصابها. . .

- انقلبت عجوزاً ذات شعور بيض، وأسنان دُرْدْ، بعد أن كانت فتّانة الصبا جذابة الجمال

فضحكت ضحكة طويلة. . . وقالت مستغربة:

- وكيف صارت عجوزاً؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>