- قلبتها ساحرة الجبال. . . لأن العجائز مصونات محوطات، ما آذاهن أحد إلا مسّه السوء. . .
- وكيف كان ذلك. . .؟
- لا تسخري، أصغي إلّي، أقرأْ عليك قصّتها:
وتناولت كتاباً من جانبي وقرأت: (هاهي ذي تترك كهفها المظلم، مأوى الخفافيش، لتحدر إلى السهل من مهاوي الجبال، وتزور القصور والسفوح.
(إنها قصيرة، قصيرة جداً. تلبس رداء من جلد الذئاب، وتسعى وراء الفلوس والقروش؛ فهي عطشى للمال على رغم غناها. لقد قالوا إن الغيران التي تملكها في الجبال مترعة بأساور من فضة بيضاء، وأن بقراتها ذوات القرون المذهبة ترعى في الأهاضيب الخضر، على شطآن السهول.
(لقد عجب الناس إذ رأوها، وقالوا: ماذا أتت تفعل في السهول، ولِمْ تركتْ كهوف الذئاب. . .؟
(إنها عجوز هَرمة. يا بعد وجهها الأصفر القبيح، الرفاف بالدهون، وأنفها الغليظ النافر، وعينيها الصغيرتين الوامضتين تحت الأوساخ كالجمرات تحت الرماد. . . يا بعد ذلك من صباحة العذارى وحلاوة الفتيات!
(لقد زعموا أن لها من العمر مئات السنين، وأنها قادرة على إنزال البَردَ وإيماض البرق. وهي تضلّ القطعان، وتسلّط الذئاب على الخرفان؛ وفي إكرامها الخير والبركة. . . فمن حَقَرَها فجزاؤه أن بنفر الحصان، ويحترق الكوخ، وتعلّ البقرة، وتجن الزوج. . .