(وكانت الأميرة في روشن القصر تتمتع بروعة السماء وأناقة الرياض، وقد حمل لها خادمان قطعاً من اللحم المشوي ذي الرائحة الطيبة. . .
(وبدت العجوز ومدت يدها إلى اللحم. . .
وشدهت الأميرة فنادت:
- ويلك أيتها العجوز السارقة. . . أذهبي. . .
فقالت العجوز:
- أعطيني قطعة لحم. . . أعطيني. . .
- مجنونة. . سارقة. . . أخرجوها. . .!
- أعطيني قطعة من اللحم الأشقر المشوي. . .
- لا. . . لن أعطيك يا عجوز القبح. . . لن أعطيك فأذهبي. . . أطعمها للخفافيش ولا تذوقين طعمها. . .
واضطربت العجوز، ثم أخرجت قضيبها الأخضر المسحور وتمتمت وبربرت، ثم قالت:
- إذن فلتفترسك الخفافيش!
وكنت أرامق آنستي وأنا أقرأ لها، فرأيتها قد فغرت فمها الصغير، وتورَّدت وجنتاها الريانتان، وحملقت عينيها الناعستين فبدت كالطفل المذعور، فقالت:
- ثم ماذا أصابها. . . أتمم. . . أتمم. . .؟!
(وجمدت الأميرة من الخوف: أرادت أن تضحك فلم تستطع وحاولت البكاء فجمد الدمع. . .!
(وأقبلت خفافيش الغاب، مناقيرهن حمر، يبتغين افتراسها وكن يضحكن ضحكات ملأى بالسخرية. تنشر الذعر وتبعث الخوف!
(لقد أسرعت الأميرة إلى مخدعها وأغلقت الباب، ولكن رنين الضحكات واصطفاق الأجنحة كانا يسمعان في كل مكان!
(وعاشت الأميرة فلم تر عيناها بعد ذلك اليوم عذوبة الصباح، ومتوع المساء، وفرح الحياة. . . واختبأت في الظلام وراء السُجف الصّفاق خوفاً من الخفافيش
(وأصبحت بعد أيام، وإذا شعورها تبيض، ووجها يتجعد، وإذا هي عجوز