ليس في وسع إنسان مهما يكن شعوره بالفضل وبالترفع أن يفاخر بأنه
لا يعبأ بالمغريات وبدوافع الشر أو بأنه يحتقرها. فالإنسان لا يعرف
كم تتغير نفسه تحت أحكام المؤثرات
وإني لأروي على سبيل الاستشهاد على صدق هذه النظرية القضية الآتية التي سمعتها من أحد رجال البوليس السري في لوندرا
ماتت زوجة تاجر غني لم يكن له إلا ولد واحد، فتزوج من أرملة في منتصف العمر. وكان ابنه شابا فلم يرض عن هذه الزوجة. وكان يشتغل في غير المدينة التي فيها أبوه، فامتنع عن مراسلته بعد هذا الزواج. ولكن الأب كان راضيا بهذا الثمن، وهو غضب ابنه في مقابل تلذذه هو واستمتاعه مدة العام الذي بدأ بالزواج وانتهى بوفاته
ولأسباب لم تظهر قط كان الجزء الأخير من هذا العام كله ريبة وسوء ظن ودسائس في هذا البيت، لأن الخدم الثلاث كن يرتبن في مقاصد الزوجة. وكانت أقدمهن وقد قضت في خدمة المنزل بضعة أعوام تعد نفسها في موضع الجاسوس على أعمال الزوجة. وقد كانت تنصت فسمعت زوجها يتوعدها عدة مرات بأن يغير الوصية بحذف منها اسمها بتاتا. فكانت تجيبه بأنها تجد الفقر أخف عبئا من معاشرته على وفرة غناه
وكانت تلك الخادم تستدعي زميلتيها ليسمع ثلاثتهن مثل هذا الوعيد. وقد فهمن جميعا علة الخلاف بين الزوجين. فلما مات الرجل انتظرن أن تكشف الوصية لهن عن جلية أمر الخلاف
وقد كانت دهشتهن عظيمة عندما جاء المحقق وتبين أن الوصية تحرم ابنه من الميراث وتعطي الزوجة ألفي جنيه في كل عام وهي كل إيراده طول حياتها
وكان من الطبيعي أن تشعر الزوجة بالراحة والاطمئنان عند ما صارت مالكة لهذا الإيراد. وزالت الحزازة التي كانت تشعر بها أيام حياته. وبعد يومين من الوفاة جلست أمام مكتبها