قرأت ما كتبه العلامة الأستاذ أحمد أمين في الرسالة الغراء (عدد ١٢١) تحت عنوان (السنيون والشيعة) فرأيته يدعو إلى نبذ كلام الطاعنين من الفريقين، وإلى عقد مؤتمر للوحدة الإسلامية، يمهد له بالتماس وسائل الوفاق من الآن؛ ولعمري أن السنة والشيعة هما أكبر مظهر للمسلمين اليوم، وهم الموجودون لوراثة تلك الوحدة الدينية، وتجديد ذلك المجد الدارس علماً وديناً وأخلاقاً؛ وإن أضر شيء علينا هو هذه العصبية الموروثة، والعداوة الممقوتة، والتفرق الديني الذميم، (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء).
أيها الشيعة الكرام: تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، أنتم تحبونها منا وهي تسرنا منكم، وهي أن نأخذ بأدب سيدنا علي وهديه، ونقف من محاربيه عند حدود أمره ونهيه، وإن لم تتجاوزا قوله ولا فعله، فأهل السنة معكم، وأنتم منهم وهم منكم، وها هي ذي أقواله وأعماله تعرض عليكم: لقد بايع الإمام علي للأمة الثلاثة من قبله، وتنازل ولده الحسن عن الخلافة لمعاوية من بعد، وأصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين طبقاً لما أخبر جده الصادق الأمين عليه وآله الطاهرين وصحبه الطيبين أفضل الصلاة والتسليم:
في نهج البلاغة أن علياً عليه السلام سئل عن الخوارج: أكفارٌ هم؟ قال من الكفر فروا؛ قيل: أفمنافقون؟ قال: المنافقون لا يذكرون الله إلا قليلاً، ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى؛ قيل فما هم؟ قال قوم بغوا علينا فقاتلونا وقاتلناهم. وفي نهج البلاغة أيضاً أنه عليه السلام قال وقد سمع قوماً من أصحابه يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين:(إني لأكره أن تكونوا سبابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم، وذكرتم حالهم، كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر)
أقول ومعلوم من حال أهل السنة أنهم يقصون ما جرى بين الصحابة (رض) ويصفون أعمالهم، ويذكرون حالهم، ويرون أن الحق في جانب عليّ عليه السلام، وأن محاربيه هم الفئة الباغية على الإمام الحق، وهم المخطئون في اجتهادهم، ولكنهم يؤولون التشاجر بينهم تأدباً واحتراماً لصحبتهم، وحفظاً لكرامتهم، وحسن بلائهم في نشر الدعوة الإسلامية، ويقولون: الكل ينشدون مصلحة الإسلام.