جاءنا من علامة حضرموت ومفتيها الأستاذ عبد الرحمن عبد الله هذا الجواب عن سؤال الأستاذ (الطنطاوي) المنشور في العدد ٣١٦ وقد أملاه على أحد تلاميذه قال:
يتعاظل الكلام من ازدحامه في الجواب عن هذا السؤال الخليق باللسان النضناض، والإفراد بالتأليف الفضفاض، حتى تبرد القلوب وتطمئن النفوس باتساع صدر الإسلام وضمانه للفوائد وقبول مبادئه للمصالح العامة إلى الأبد، وحتى تتأكد بأن الفقه الشافعي مبني على الأسس الثابتة من الكتاب والسنة. وخذ من عفو الخاطر ولسان البديهة ما يكون لهفة معجلة وتعلة للسائل إلى سنوح الفرصة للإفاضة فيما يشفي أوامه بالأدلة الناصعة والبراهين القاطعة.
أما أولاً فلأن في الاستعانة بالتوكيل في الرؤية والتسلم ما تندفع به المشاق في المتعارف بين التجار
وأما ثانياً فلأن مقابل الأظهر في المنهاج صحة بيع الغائب وإن لم يره البائع ولا المشتري، وبه يقول الأئمة الثلاثة. وقد جاء في فتاوى ابن حجر وأبي مخرمة أنه متى أمر السلطان باتباع مذهب معتبر في قضية وجب اتباعه، فما على الحكومة إلا أن تصدر أمرها بالعمل بذلك وينحل الإشكال
وأما ثالثاً فلأن الإمام النووي اختار انعقاد العقود بالمعاطاة، وتسامح في القول بها الإمام الغزالي وهو ممن لا يجهل مكانه من التصلب والورع في الدين. وقال في التحفة: وعلى الأصح لا مطالبة بالمعاطاة في الآخرة للرضا
وأما رابعاً فلأنه يسن للمقترض أن يزيد في الدفع على ما اقترضه لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم: إن خياركم أحسنكم قضاءً. وإذا انضم إلى ذلك الأمر من السلطان بدفع الزيادة تحتم دفعها وصار واجباً كما بينت ذلك في كتابي (صوب الركام) ففي إمكان البنك المصري وأمثاله مع هذه المنادح الواسعة أن يتبسط في معاملاته ويفتنّ في مكاسبه بنجوة عما حرمه الله وأذن عليه بحربه من الربا
وأما خامساً فلأن القول بالمصالح المرسلة يمهد السبيل لكل مصلحه، ويفتح الباب لكل