وإذا عرفنا أن الذين يديرون أمر هذه الثروة، يمتازون في عالم الاقتصاد بمعرفة الأحوال والظروف الاقتصادية قبل غيرهم تبين لنا مقدار ما يستفيدونه من استغلال هذه الثروة
ولم يستطع دكتاتور مدى التاريخ أن يجمع ثروته من مثل هذا المورد العجيب، فقد كانوا يجمعون المال من الأبواب التي يعتقدون صلاحها، وقد بذل هتلر كثيراً من نفوذه في نشر كتابه وترويجه. ومن الطرق التي يتبعها في ذلك - على سبيل المثال - أن كتاب كفاحي وإن كان القانون لا يمنع أن يباع منه نسخة مقروءة، إذا وجدت مثل هذه النسخة منه عند بائع الكتب، تعرضه لتهمة اليهودية بغير تردد
ولا يجهل أحد القانون الذي صدر في ألمانيا بإلزام كل شخص يريد الزواج باقتناء نسخة من كتاب (كفاحي)، ولكن الذي لا يعرفه الأكثرون أن هذه النسخة يجب أن تدفع ثمنها الحكومة. وبهذه الوسائل تتمشى الدعاية والمنفعة جنباً إلى جنب. فبينما لا يكلف الفوهرر رعاياه بنساً واحداً نظير خدماته بطريق مباشرة يتقاضاهم مبلغاً يتراوح بين ١٥٠٠٠٠ و٢٠٠٠٠٠ بطريق غير مباشرة
على أن للفوهرر امتيازات أخرى غير هذه؛ فمن البديهي أن كل ما يحتاجه أو يستعمله في حياته الخاصة تلزم بدفعه الحكومة
أما موسوليني فيتقاضى من الحكومة ١٥٠٠ جنيه في السنة، ولكنه يربح من الصحافة أضعاف هذا المبلغ؛ فهو يستغل باسمه صحيفة (بوبولو ديتاليا) وقد أصبح كل إيطالي يقرأ هذه الصحيفة لعلمه بأنها صحيفة الدتشي. وتقوم الحكومة بدفع مصاريفه الخاصة - كهتلر - فهو لا يحتاج إلى إنفاق شيء من ماله الخاص
ولعل أفقر الدكتاتورين هو ستالين. ويقال إنه يتقاضى ٨٠ جنيهاً في العام. أما المبلغ الحقيقي الذي يتقاضاه فمن المحتمل أن يكون ٥٠٠ جنيه على وجه التقريب
على أنه ليس لديه ما ينفق فيه هذا المبلغ، فالحكومة تقوم بدفع الثمن لكل ما يحتاج إليه