رآها زيوس تقطف الزهر وتتيه في حدائق السوسن، وتنشد مع البلابل ألحان الشباب، فتنصت الطبيعة وتتفتح آذان الورود، وتحملق نواظر النرجس ترى إلى كليستو الرقيقة رقة النسيم، الحلوة كأنها حلم جميل في أجفان عاشق، الموسيقية التي يستطيل نغمها حتى يبلغ السماء، ويتسع حتى يغمر الكون، فيثوي بكل أذن، ويستقر في كل قلب، ويخفق مع نبضات المحبين، وينسكب ذوبا من دموع المدنفين المعذبين!
رآها زيوس فجن بها! وبالرغم مما أعطى على نفسه من ومواثيق لزوجه حيرا ألا يصبو إلى أنثى غير أزواجه اللائى كن إلى هذه اللحظة ستا أو أكثر من ست، فقد ذهب يقتفي أثر كليستو، ويرهف سمعيه ليملأ بموسيقاها قلبه
كانت تمشي بين صفين من أعواد الزنبق، تنمقهما ورود ورياحين؛ وكانت تنثني وتميس، فيهتز الروض وينتشي الزهر، وكلما ترنمت بأغنية من أغانيها الساحرة، رددت الأزهار والأطيار ما تغنت، كأن كل شيء في تلك الطبيعة الرائعة الفنانة عضو في فرقة كليستو الموسيقية
وجلست تتفيأ ظل خوخة وارفة كانت تداعبها فتساقط عليها من ثمرها الجني، ورطبها الشهي، فتتذوقه كليستو وهي تبتسم
وأسكر النسيم الخمري عينها الساجيتين، فاستسلمت للكرى الطارئ والغفوة العارضة، وتمددت على البساط السندسي ليحسر الهواء عن ساقيها، ولتكون فتنة يضل في تيهها قلب زيوس، وتضرب في بيدائها نفسه. . . على غير هدى!!. . .
وبدا الإله الأكبر أن يرتد فتى موفور الشباب ريان الأهاب؛ ثم يسوق آلهة الأحلام فترقص في أجفان كليستو، تبهرج لها من الرؤى ما يشب في نفسها رغائب الهوى ولذائذ الحب، ويثير فيها حرارة الحياة