للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بجماليون]

تحية للكاتب وعرض للكتاب

للأستاذ فخري شهاب السعيدي

جاء كتاب توفيق الحكيم الجديد في شكل حوار لأبطال بعثهم من أساطير اليونان، وابتداع لهم من خياله الخصب عبارات ذلك الحوار، وهيأ لهم رمزَّياً يصلح لهم، وتتناوبهم فيه العواطف والمشاعر

ما الحياة، وما الفن، وما ميزان الحكم عليهما؟ وما المرأة، وما الرجل، وما وجه المفاضلة بينهما؟ وما فكرة الآلهة والمخلوقات وما مقاييس الأحكام على الأمور عندهما؟ ما الخلود، وما الفناء؟ وما العقل، وما الجنون؟! ما هي الحكمة؟ وكيف توصف وتعرف وتقدر، وما البطش بالقياس إليها، وكيف يكون اتقاؤه والحذر من التورط فيه، وهل إلى ذلك من سبيل؟؟

وما هو الجمال وما هو الحب؟ وما مقدار لصوقهما بالحياة واتصالهما بها، وهل هملا وقف عليها؟!

تلك - ومثلها أكثر منها - أسئلة البشرية الخالدة التي مرت بكل فكر، وطلب أجوبتها من كل حكيم. . . وما دام البشر محدود القوى بالنقص والفناء، فإنه سيفتنّ في التسآل والأجابة، وفي الأخذ والرد، والإقناع والاقتناع، كل هذا تطميناً لفضول القوى العاقلة التي تثيرها في نفس مشاهد الكون!

. . أما عن الفن والحياة، فهما لدى توفيق الحكيم فكرتان إحداهما تتمّ الأخرى لإبداع الكمال المطلق الذي يتخيله في أذهانهم أرباب المثل العليا في الحياة، وهما من أجل إيجاد هذا الكمال ينبغي أن يكونا متلازمين يضيق عنه إدراك البشر المحدود؛ ومن هنا تبدأ عقد القصة الفلسفية في الظهور: فصانع التماثيل (المثال) (بجماليون) رجل فني نزاع إلى الكمال المطلق، ولكن نزوعه هذا نزوع يكتنفه الغموض، لأنه لا يدري به ولا يدري كيف يستقيم له هذا الكمال: هو يريد الحياة، لأن في أعماق نفسه شعور الإنسان الحي الذي إذا رنا إلى غاية نفسه الحية ألفاها متمثلة في الجسم النابضة عروقه بالحرارة والحياة. . . وهو يحب الفن لأن في طبيعته قبساً من عبقرية الخالقين المبدعين. . . وفي سريرة نفسه

<<  <  ج:
ص:  >  >>