[من الأعماق. . .]
للآنسة الفاضلة (المطوقة)
سرت وحدي في غربة العمر، وفي التيه المعمي، تيه الحياة السحيق
لا أرى غاية لسيري ولا أبصر قصداً يوفى إليه طريقي
ملل في صميم روحي ينساب، وفيض من الظلام الدفوق
وأنا في توحشي، تنفض الحيرة حول أشباح رعب محيق
سرت وحدي في التيه، لا قلب يهتز صدى خفقه بقلبي الوحيد
سرت وحدي، لا وقع خطو سوى خطوي على المجهل المخوف البعيد
لا رفيق، لا صاحب، لا دليل ... غير يأسي ووحدتي وشرودي
وجمود الحياة يضفي على عمري ظلَّ الفناء، ظلَّ الهمود. . .
والتقينا. . . لم أدر أي قوى ساقتكَ حتى عبرت درب حياتي!
كيف كان اللقاء؟ من ذا هدى خطوك؟ كيف انبعثت في طرقاتي؟
لست أدري، لكن رأيتك روحاً ... يوقظ الشوق في مسارب ذاتي
ويذرّي الرمادَ عن روحي الخابي، ويذكى ناري، ويحيي مواتي. . .
حدقت مقلتاك فيَّ، وآلامي يغّشى ضبابها مقلتيَّه
لست أدري ما استجلتاه ولا ما رأتا خلف وحدتي الأبدية. . .
غير أني أبصرت روحك تهتز انعطافاً، في رقة علوية
وهنا خلتني شعرت بروح الله رفت من السماء عليَّه!
يا لعينك! أي نفضة بعث ... أوجدتها عيناك في أعماقي
فإذا بالحياة عارمة النبض بفيض الحنين. . . بالأشواق. . .
وإذا بالجمال يعكس ألوان ... رؤاه على مدى آفاقي
وإذا بي في ظل حب عظيم ... معجز السحر، مبدعٍ، خلاق
نظرة فتحت لقلبي أبواب السماوات والجنان العليه!
وجلت لي أفقاً يموج به الوحي وتستعلن الرؤى القدسية. . .
فيه سحر الألوان، فيه صدى الألحان، فيه منابع الشاعريه!