ما أسعدك أيتها الشياه فأنت سعيدة مستريحة، لأنك لا تعرفين البؤس والشقاء، ولا تحسين لذع الهموم والأحزان وكثيراً ما نظرت إليك بعين الحسد، كلما نزلت بي الهموم والأحزان، لأنك لست عرضة لها.
إنك حينما تضطجعين تحت ظل الأشجار فوق العشب الأخضر النامي تكونين مطمئنة مسرورة، تقضين معظم أيام حياتك خلية البال مرتاحة الفكر.
إنني أنام كما تنامين تحت الأفياء وفوق الكلأ، ولكن لا يلبث الضيق أن يغمر نفسي، ويخيل إلي أن أشواكا تخزني وإبراً تغرز في جسمي، وأكون وأنا على هذه الحال بعيداً عن الراحة والدعة.
أما أنت فسعيدة في كل حال. وأنا قليل السرور وليس هذا كل ما أشكوه.
آه أيها الصامت إلى الأبد! لو أنك تستطيع النطق لسألتك: لم تسترح كل بهيمة كيفما تريد في حالة السكون، بينما أنا يكاد يقتلني الضيق والسأم كلما ركنت إلى الراحة والهدوء.
آه أيها القمر الزاهر! لو كان لي جناحان فاحلق بهما فوق السحاب وأعد النجوم واحدة واحدة والكواكب كوكباً كوكباً، وأطوف من ذروة لأخرى، لكنت أسعد حظاً وأهنأ بالا أيها الكوكب الفضي.
وربما كنت أنعم بالحياة وأسعد بالعيش مما أنا فيه.
إن عقلي يكاد يضل كلما حاولت النظر في حظوظ الكائنات.
إنه يخيل إلي أن يوم الميلاد يوم مشئوم لكل محلوق من المخلوقات مهما كانت فصيلته التي ينتسب إليها والحالة التي يكون عليها سواء أكانت في المهود أم في الزرائب.