للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حول الوحدة العربية]

إلى الدكتور طه حسين

للأستاذ أبي خلدون ساطع الحصري بك

أيها الأستاذ:

لقد مضى نحو ستة أشهر على نشر الانتقادات التي وجهتها إليهم - في مجلة (الرسالة) - بمناسبة حديثكم المنشور في مجلة (المكشوف) البيروتية، حول (الوحدة العربية وموقف مصر منها)، وعلى نشر (الفصل الجوابي) الذي أرسلتموه إلى (الرسالة) رداً على تلك الانتقادات

لم أكتب إليكم شيئاً حول هذه القضية خلال هذه المدة لأسباب ستظهر لكم من الأسطر التالية، ومع هذا أشعر الآن بدافع قوي يدفعني إلى مخاطبتكم في هذه المسألة، بالرغم من مرور هذه الأشهر الطويلة، لمواصلة البحث فيها والمناقشة عليها

كنت غادرت بغداد إلى المغرب الأقصى قبل وصول عدد الرسالة الذي نشر فيه ردكم، فلم أطلع عليه إلا في بيروت قبل سفري منها بالطيارة. قرأت الرد هناك فوقعت في حيرة عميقة، لأنني انتهيت من قراءته دون أن أجد فيه كلمة واحدة يصح أن تعتبر رداً على ملاحظاتي الاعتراضية، أو جواباً على أسئلتي الانتقادية. . . لأن الآراء المسرودة في الفصل كانت تحوم حول قضية (وحدة الثقافة) و (واجب مصر في أمر هذه الوحدة) في حين أن هذه القضية لم تكن في القضايا التي اختلفت معكم فيها، بل كانت في القضايا التي شكرتكم عليها! فإنني ختمت مقالتي الانتقادية بالعبارات التالية:

(هذا، وأرى ألا أختم اعتراضاتي، دون أن أتوجه إليكم بكلمة شكر؛ فإني أشكركم من صميم فؤادي على مناداتكم بتوحيد الثقافة بين البلاد العربية، لأنني أعتقد أن توحيد الثقافة من أهم العوامل التي تهيئ سائر أنواع التوحيد. فأقول بلا تردد: اضمنوا لي وحدة الثقافة، وأنا أضمن لكم كل ما بقى من ضروب الوحدة. . .)

فكان من الطبيعي أن أقع في دهشة عميقة من قراءة الفصل الذي نشرتموه في الرسالة تحت عنوان (الرد)

وأخذت أفكر - وأنا أقطع الفضاء فوق أجواء البحر الأبيض المتوسط - في تعليل الخطة

<<  <  ج:
ص:  >  >>