التي انتهجتموها في هذا الباب:(كيف سوغ الدكتور طه حسين لنفسه أن يسمى هذا الفصل ردا؟)
قلت في بادئ الأمر: يظهر أن الأستاذ قد شعر بالخطأ الذي وقع فيه فلم يجد مجالاً للرد على الانتقادات التي وجهت إليه، ولم يرد مع هذا أن يعترف بذلك، فأراد أن يتظاهر بالرد بنشر فصل لا علاقة له بموضوع الانتقاد والاعتراض
غير أنني لم أرتح لهذا التفسير والتعليل، لأنني استبعدت منكم أن تسلكوا مثل هذا المسلك في مناقشة قضية هامة مثل قضية الوحدة العربية، فواصلت التفكير في الأمر إلى أن خطر على بالى تعليل آخر أقرب إلى العقل من التعليل الأول. يقول الدكتور طه حسين: إن الرد هو فصل من كتاب تحت الطبع؛ أفليس من الممكن أن يكون قد حدث سهو في نقل الفصل من الكتاب؟ قد يكون في الكتاب فصل يتضمن الرد؛ غير أن الدكتور قد سها في رقم الفصل؛ فالمطبعة أرسلت إلى (الرسالة) فصلاً آخر غير الفصل المقصود
عندما لمحت هذا الاحتمال، ركنت إليه كل الركون وقلت في نفسي: قد ينشر الدكتور في العدد التالي من الرسالة تصحيحاً لما حدث؛ غير أن سفراتي السريعة سوف لا تترك لي مجالاً للاطلاع على ذلك قبل عودتي إلى بغداد. . فلابد لي من الانتظار إلى ذلك الحين للوقوف على التصحيح، أو لقراء الكتاب
ولهذا السبب، عندما عدت إلى بغداد بعد إتمام رحلتي في المغرب الأقصى والجزائر وتونس وصقلية - أسرعت إلى تصفح أعداد الرسالة التي صدرت في غيابي؛ ولما لم أجد فيها شيئاً يتعلق بالموضوع الذي نحن بصدده، طلبت نسخة من كتاب (مستقبل الثقافة في مصر)؛ وأخذت أقرأ بانتباه شديد باحثاً فيه عن (الرد). . . غير أنني وقعت في دهشة أشد من دهشتي الأولى عندما انتهيت من قراءة فصول الكتاب بأجمعها، دون أن أصادف فيها أيضاً ما يصح أن يعتبر جواباً على أحد أسئلتي الانتقادية. . . فقلت في نفسي: لم يبق مجال لتعليل الأمر بغير الملاحظة التي كانت وردت على ذهني عقب مطالعة الرد المنشور في مجلة الرسالة
مع هذا لم أشأ أن أكتب شيئاً حول هذا الموضوع، للملاحظتين التاليتين: أولاً، كان قد مضى على نشر ردكم مدة تناهز ثلاثة أشهر بسبب ظروف رحلتي. ثانياً، إن (تباعد الرد