للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

نظرة جديدة

في (أرواح شاردة)

بمناسبة طبعته الثانية

للأديب حسين محمود البشبيشي

ما ظنك بالروح الشاعر إذا تفتَّح ليستوعب أسرار الوجود، وتغلغل يتأمل ألوان الجمال؟ وما ظنك بالفكر القادر إذا عقد النية على كشف منبهم الأمور، والبحث وراء بوارق المعرفة والنور؟ وما ظنك بالفن الساحر إذا تشوّف إلى الشوارد الفنية الباسمة، وتتطلع إلى مباهج الحياة الفاتنة.

. . . ذلك فيض من (أرواح شاردة)!!

وقع الكتاب في يدي صدفة، فتناولته بلهفة. . . لست أدري أكان مصدرها تجاوب الروح بيني وبين أرواحه الشاردة، أم الرغبة في الإطلاع على لون من الأدب جديد الطابع فريد المنزع.

لست أدري كل هذا؛ ولكن الذي أعلمه هو أني حسن الظن - عن حق - بصاحبه الشاعر، قوي الإيمان بروحه الساحر وشفافية وجدانه، وتألق لفظه، وعذوبة جرسه التي يخيل إلى المرء أنه ينسجها من قلبه نسجاً، أو يسكبها من روحه سكباً

. . . وقرأت الكتاب فوجدتُ روح الفنان غالبةً على روح الشاعر، وروح الشاعر طاغية على روح الكاتب. فهو في كثير من الأحايين يعرض لدراسة شاعرٍ في استقراء الكاتب المحقق؛ ثم هو بعد ذلك يحاول أن يدفع عن الشعراء كل تهمة جائرة مجرّداً لذلك قلمه ساكباً فيه عصارة قلبه. . . ونظرة واحدة إلى دفاعه عن شارل بودلير تريك صدق ما أقول فقد جاء في مقام تعليل انغماسه في الشهوة العارمة، وتلويثه للجمال الأرضي (لقد كان بودلير فناناً صادقاً طموحاً محباً للجمال وعلى العكس مما يرى الكثيرون فإنه باندفاعه المحزن في تلويث الجمال الأرضي، وردّه كل أنثى امرأة عاهرة، قد أفشى عاطفته المكرسة لعبادة الجمال المطلق). . . وهذا كلام بعثه قلبٌ شاعر يدفع عن قلبٍ شاعر!

<<  <  ج:
ص:  >  >>