للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مسألة تاريخية]

للدكتور جواد علي

بهذا العنوان حرر الأستاذ ساطع بك الحصري مقالة نشرها في مجلة الثقافة كانت بمثابة رد على ما كتبه (شمس الدين كون التاي) أحد الأتراك في مجلة (مجمع التاريخ التركي) التركية بمناسبة الاحتفال التذكاري الذي أقيم في سنة ١٩٣٧ في كابل وطهران واستانبول لمناسبة مرور تسعمائة عام على وفاة الفيلسوف الحكيم (ابن سينا) وقد تنازع على أصله الإيرانيون والأتراك والأفغان وكتبوا في ذلك الكتب والمقالات. كل يدعي أنه منهم. ولم يتنازع النا عليه يوم كان حياً؛ ولكنها الدنيا لا تعرف قيم الأشخاص إلا بعد الوفاة

وقد تعرض الأستاذ (أبو خلدون) في جملة ما تعرض له من نقاط إلى موضوع (الأتراك) وأثرهم الثقافي في البصرة و (معبد الجهني) وأثره في (الجبر والاختيار) وعلم الكلام. فقد زعم (شمس الدين كون التاي) في جملة ما زعمه أن (عبيد الله بن زياد الذي كان قد ولى على خراسان مأموراً للاستيلاء على ما وراء النهر في عهد الخليفة معاوية كان قد أعجب إعجابا شديدا بالثقافة العالية والمهارة العسكرية التي يتحلى بها أهل بخارى فانتخب من بينهم ألفي شاب من المهذبين المثقفين، وأرسلهم إلى العراق بغية جعلهم معلمين للعرب وأسكنهم البصرة. وإن هذه المعلومات التي ينقلها لنا أقدم مؤرخي الإسلام البلاذري تحل اللغز الذي كان يكتنف مسألة منشأ الحركة الفكرية الأولى في الإسلام).

وقد تساءل الكاتب التركي: لماذا نشأت هذه الحركة في مدينة البصرة أولا؟ فأجاب (لأن الذين أثاروا هذه الحركة الفرية الأولى كانوا هؤلاء الشباب المنقولين من بخارى هم وأولادهم، وإن الشخصين اللذين كانا وضعا الحجر الأساسي في بناء المذهبين المتعارضين في اللاهوت كان كلاهما من أهل ذلك القطر. إن معبد الجهني الذي أسس المذهب القائل بحرية الإرادة البشرية كان قد ولد في بلدة جهينة الكائنة في نواحي جرجان وطبرستان، كما أن جهم بن صفوان الذي أسس المذهب المعارض لذلك هو أيضا كان تركيا من أهل بلخ وكان قد تقدم بآرائه هذه لأول مرة في مدينة (ترمذ) من ديار الأتراك).

ولقد لفتت هذه الدعاوى نظر الأستاذ (ساطع الحصري) - وهو من المحامين عن الثقافة العربية الذابين عنها - فراجع المصادر التي استند عليها (شمس الدين) فلم يجد فيها ما

<<  <  ج:
ص:  >  >>