إذا رأينا طفلاً صغيراً يسقط في الطريق فهذا ولا شك لا يثير فينا شيئاً من الضحك.
ولكنن نضحك أو نتكتم الضحك، إذا رأينا رجلاً من ذوي المكانة يسقط على الأرض، وتجري قبعته الحريرية أدراج الرياح.
فإذا كنا نحمل شيئاً من الكراهية لذلك الشخص، فإن ضحكنا ولا شك يكون أشد وأكثر، إذ أنه في هذه الحالة يكون صادراً من أعماق القلوب.
لماذا لا تضحك إذا سقط طفل أو حصان أو امرأة عجوز؟ أنت لا تضحك لأنك لا يمكنك أن تتخيلهم منافسين لك أو متفوقين عليك. ولكن الرجل من ذوي المكانة والوقار، يبرز شخصيته على حسابك، ويدل عليك بمقامه في الهيئة الاجتماعية والشخص الذي تمقته لا تستطيع أن تنسى منافسته لك، وإن كنت لم تفكر في ذلك.
وخلاصة القول أنك تضحك لأنك تشعر برضائك عن نفسك. تشعر بانتصارك، وكأنك تقول في ضحكتك ما أشد سروري وغبطتي!
هذه حقيقة ليس فيها ما يضحك، ولكنك ستحس قوى حانقة تتحفز للدفاع عما يسمونه (طبيعة التفكه).
فإذا كان الأمر كذلك فلا بأس من تناول الموضوع من الناحيتين: الضحك كما يقول هوس (هو تجلي النفس وصفاؤها) أما طبيعة التفكه فليست بالشيء البريء الذي يجلب السرور. فهي تحمل بذور شر لا شك فيه.
الضحك هو طريقك للتعبير عن زهو التفوق للعالم وللناس.
وزهو التفوق من الكلمات التي استعملها الفيلسوف الإنجليزي أنثوني لدوفيسي في بحوثه العميقة حول نظرية الضحك في كتابه أسرار الضحك، وقد أودعه مناحي كثيرة وآراء عديدة في هذا الموضوع لا نستطيع أن نستوعبها في مقال.
ويشرح زهو التفوق بقصة الضفدعة والكركي: وهي أن ضفدعة دعت كركياً لتناول الغداء، فلما أقبل على الطعام، وجد الضفدعة قد وضعته في إناء مسطح، فلم يستطع الكركي أن يتذوق منه شيئاً، وأقبلت الضفدعة فتناولت منه ما تريد، فعاد الكركي بدوره