العمال المتعطلين نتيجة تغلب الآلة الأيدي العاملة؛ أضف إلى ذلك تفشي الآراء الخيالية في إيجاد نظام يضمن المساواة الاقتصادية بين عامة الناس. وواضح أن ذلك ليس وليد الفساد في النظام الديمقراطي وإنما نشأ من عوامل عمرانية واجتماعية اقتضاها تطور الحياة
فالديمقراطية لم تستطع إزاء هذه المشكلات أن تحل عقدتها بالسرعة الواجبة لها، لطبيعة البطء فيما تعالج من حلول. ولم يدركها في ذاتها التطور المنشود حتى تعالج بعقلية جديدة تلك المشكلات الإنسانية الناشبة؛ فانطلقت الطبيعة البشرية ثائرة فائرة، تبغي نظاماً في الحكم يستقيم به الميزان الاقتصادي والاجتماعي، ويرفرف به الرخاء الممكن على مختلف الشعوب
وإذا جاز لنا أن نقدر ما يجئ به الغد المرتقب رجحنا أن تتمخض هذه الثورة العالمية عن المحافظة على الروح الديمقراطي الصالح، مع تجديد في نظام الحكم. ومعنى ذلك أن تتطور الديمقراطية تطوراً يوائم البيئة الجديدة والعقلية الجديدة التي تسود بعد هذه الحرب القائمة. وإننا لنلمح من الآن بوادر هذا التطور في الأمم الديمقراطية العريقة
واليقين أن العالم سيشهد في مستقبله السلمي نظاماً مستحدثاً يمكن للسعادة بقدر المستطاع بين طبقات الشعب، ولكن هذا النظام ستحل فيه روح الديمقراطية دائماً.