في خدمة الحق والتاريخ لتبدو السيرة المحمدية في جمالها الشفاف، وفتنتها الأخاذة وأسرارها الاجتماعية، وسياستها الخالدة. وليس القصد من هذا كله إلا أن أستخرج معين السيرة من تحت جلامد التعابير الخشنة والعنعنات المملة، وكثرة الروايات الطامرة للحقائق، وأن أنظمها أسلوباً قصصياً سهلاً ليستطيع الناس أن يستوعبوا نواحي الصورة التطبيقية للشريعة الإسلامية التي جاء بها القرآن، وفصلتها سيرة سيد الأنام!
والواقع أن المؤلف الفاضل قد وفق في غرضه، واستطاع أن يصل إلى غايته في تجلية السيرة على هذا النمط الذي شرحه، وإنه لنمط قويم، ونهج قريب إلى النفوس والأرواح. وما أستطيع أن آخذ عليه في ذلك إلا بعض هفوات في الأسلوب، والتهويل في التصوير، والخروج في بعض المواقف عن حدود الحياة الإسلامية كما وصفها التاريخ. وإنك لتقرأ في صدر الجزء الثاني من كتابه حديثه عن تحرش قريش بالنبي وأصحابه، فكأنك تقرأ وصفاً لمظاهرة تسير في شوارع القاهرة هاتفة صاخبة. ولعل مرد هذا إلى ما عرف عن المؤلف الفاضل من ثورة الشباب، وإنها لثورة جامحة تتمثل لك في كتابه، بقدر ما تتمثل لك رزانة الأستاذ عزام في كتابه
وكتاب (صور إسلامية) يقع في جزئين، انتهى بهما المؤلف في الحديث عن السيرة إلى بيعة العقبة وإسلام عمرو بن الجموح من سادات يثرب، وقد وعد بالجزء الثالث عن قريب، وإنا لنرجو له التوفيق حتى يصل إلى الغاية، وينتهي إلى النهاية.