للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القدر من المثل لأن الأستاذ أحمد أمين مثقف ثقافة إنكليزية فهو يؤرخ الأدب العربي على طريقة تربية الجمال وملاحظتها وتدوين الملاحظات. والدكتور زكي مبارك يتناول الأدب العربي على طريقة (يا لله ما أعجب وما أغرب!)

قال أبو الفرج الإسكندراني هذا ما يقوله الأستاذ الشايب ولولا أن الشايب مثقف بالثقافة الإنكليزية دون الفرنسية، لولا ذلك لعددناه شاهد عدل في خصومة بين هذين الأديبين الكبيرين. ولكن لا شهادة لمن له ضلع مع أحد الخصمين

حدثنا الأستاذ أحمد أمين قال: لقد صنعت لحناً لهذه الأبيات الرائعة من شعر الفرزدق وإن كنت أعلم موضع الضعف فيها فهي بعض الشعر الإسلامي الذي جنى عليه أدب الجاهلية

قال امرؤ القيس الجاهلي:

وواد كجوف العير قفر قطعته ... به الذئب يعوي كالخليع المعيل

فقلت له لما عوى إن شأننا ... قليل الغنى إن كنت لما تمول

كلانا إذا ما نال شيئاً أفاته ... ومن يحترث حرثي وحرثك يهزل

فكان في وصفه هذا اللقاء للذئب معرباً عن إحساس صادق وماذا قال امرؤ القيس؟

لقد وازن بين شروده في القفار وبؤسه وهو مطرود حائر محروم، وبين الذئب في مثل هذه الحالات فعوى عواءه

وكثر الدخيل على اللغة بإسلام من أسلم من أهل اللغات الأخرى فكان للشعر الجاهلي أثر غير أثره الطبيعي: ذلك أنه عماد هذه اللغة التي أصبحت عماداً للدين الجديد. فوقف شعراء الإسلام أمام أسلافهم من شعراء الجاهليين موقف العابد من المعبود لاقتران حاجتهم إليه بحاجتهم إلى المحافظة على اللغة واقتران محافظتهم على اللغة بحاجتهم إلى المحافظة على الدين، فمن أجل ذلك وضع الفرزدق قصيدة يصف فيها لقاء الذيب ووضع الشريف الرضي والبحتري قصيدتين في نفس الغرض ولكن وصف الثلاثة الإسلاميين للقاء الذيب كان وصفاً غير طبيعي لأن همهم الأول كان أن يفعلوا كما فعل شاعر جاهلي يقدسونه

قال الفرزدق إنه قابل الذئب ولكن بماذا أحس؟ بماذا شعر؟

يقول إنه أحس بأنه يريد أن يعطيه زاده فهل كذلك يشعر الناس عند لقاء الذئاب

فلما دنا قلت ادن دونك إنني ... وإياك في زادي لمشتركان

<<  <  ج:
ص:  >  >>