لقد مضى على (المسلمون) عام، وهاهي ذي قد بدأت منذ أيام عامها الثاني، وأمسكنا القلم طيلة العام الماضي والأول من حياتها حتى تكمله، فنستطيع أن نحكم لها أو عليها، غاضين الطرف عن الأخوة التي تربطنا بصاحبها ومؤسسها، لأن النقد البريء الخالص يجب أن ينسى حياله كل عاطفة، وتهمل كل محسوبية.
اتضح لنا أن (للمسلمين) هدفين: الأول تقديم زاد إسلامي مصفى، من موارد موثوق بها، وثقافة إسلامية عذبة مطمأن إليها، وتاريخ صادق معتمد لا زيف ولا شائبة فيه. والهدف الآخر احتضان قضايا الشعوب المسلمة ومشكلاتها، وتحليل آلامها وأوجاعها. أما الهدف الأول فقد وفقت فيه توفيقا كاملا تغبط عليه، وأما الهدف الآخر فلم تزل تسير نحو تحقيقه بخطى وئيدة، وكان المنتظر أن توفق (المسلمون) التوفيق الكامل في الهدف الآخر. وفي حقائب الأستاذ سيد رمضان من المواد والمعلومات التي جمعها من جولته، ما تضيق عن استيعابها الأسفار الضخام، وقد سبق أن ناقشته هذا النقص فأبدى من الأعذار ما أعتقد اليوم زوال أسبابها، وفي العدد الأول من السنة الثانية لمسنا عناية ملموسة بالأوطان الإسلامية وقضايا شعوبها، نرجو أن تزداد في المستقبل إن شاء الله تعالى.
وفي المجلة موضوعات يمكن الاستغناء عنها مؤقتا، لأن حالة المسلمين لا تستدعي هذه البحوث الجدلية التي لا صلة لها بحاجتهم، وهم أحوج ما يكونون إلى المعاني الجديدة الحية، التي تضيء أذهانهم، وتثقف أفكارهم، وتنمي ملكات التفكير ملكات التفكير فيهم، وتصون عقائدهم مما شابها من الدخل، وكتابها من المبرزين المعدودين في الشرق الإسلامي والحمد لله.
وبعد فيمكننا أن نقول - غير محابين - إن مجلة (المسلمون) قد ملأت الفراغ الذي تركته العروة الوثقى والمنار والشهاب، وإن الداعية الكبير الأستاذ سعيد رمضان جدير بأن يكون ربانها، ليقطع بها المراحل، فتصل إلى الشعوب المسلمة على اختلافها، لأنها غذائها الطيب الشهي، ولسانها المعبر عن مشاعرها وعواطفها.