يجب أن تكفل الدولة العيش الهانئ الرغيد لكل المسرحيين من مؤلفين ومخرجين وممثلين ومهندسين حتى تضمن إخلاصهم لفنهم، وحتى لا تسلمهم آخر المطاف للفقر والفاقة، وتسلم أبناءهم للجوع والعوز
التمثيل فن ومهنة ورسالة. . . وهو لم يعد تلك المتعة الرخيصة المبتذلة التي كانت تبحث عن أبطالها بين الطبالين والزمارين والراقصين
التمثيل من أشرف المهن إن لم يكن أشرفها جميعاً، وهو لم يعد يهدف إلى إمتاع الناس فحسب، بل هو يعمل على رفع مستواهم وإصلاح حالهم بطرق لا يستطيع غيره أن يحسنها. . . فالمسرح يستطيع أن يؤدي من الخير للأمة مالا تستطيع المدرسة أن تؤديه. . . ولتكن هذه المدرسة أية المدارس شئت. . . ورب دراسة تشير من بعيد إلى أحد الأمراض السرية، تقي الناس من تعريض أنفسهم لهذا المرض، فتنجو الأمة من شروره، وتوفر على كلية الطب جهوداً تستطيع أن تصرفها إلى ميادين أخرى
ورب درامة تؤدي لأمن هذه البلاد وسلامها مالا تستطيع مائة كاملة من دور البوليس أن تؤديه؛ لأن الدرامة تعالج الجرائم قبل وقوعها، فإما أن تمتنع امتناعاً تاماً فلا يقع منها شيء، وإما أن يقع العدد القليل منها في صور مخففة. أما دور البوليس ومحاكم القضاء فتعالج الجرائم بعد وقوعها، ثم هي تعالجها علاجاً سلبياً قد ينتهي إلى شرور مضاعفة تزيد في متاعب الأمة وتعقد أمورها تعقيداً شديداً
ورب درامة ترفع من مستوى الأمة الصحي بما لا تستطيعه تلك المئات من المكاتب الصحية المنتشرة في البلاد، وذلك بما توحي به من العناية بالنظافة وإنقاذ الطبقات من عاداتها المستهجنة
ورب درامة تبث من روح الجندية والاستبسال الوطني أضعاف ما تستطيعه تلك الأناشيد الببغائية التي يرددها الجنود ترديداً أصم دون أن يفقهوا لها معنى
ومن المؤلم حقاً أن نورد هذه البراهين التي هي بالموضوعات الإنسانية أخلق لكي نقنع أنفسنا بقيمة المسرح. . . ولكن ما الحيلة وقد أشرنا في كلمة قديمة إلى انحطاط المستوى الثقافي بين رجال المسرح المصري، وما ينتهي إليه انحطاط هذا المستوى الثقافي من