انحطاط الممثل في أخلاقه وسلوكه وعدم تقديره لملكاته أو انخداعه في تقدير تلك الملكات، وما يؤدي ذلك إليه من زراية الناس به وإزرائهم عليه وهوانه عندهم، وما يصيب المسرح من جراء ذلك من التأخر والانتكاس، بل الموت والفناء، فجادلنا بعض الأصدقاء في حقيقة المسرح، وأنكروا وجوده على الإطلاق،. وذهبوا في عدم اعترافهم به إلى أبعد حدود المغالاة. ونحن ما زلنا عند ما أثنينا به على الكثيرين من القائمين بأمر المسرح المصري، لأننا نعدهم أبطالاً شهداء استطاعوا أن يقفوا في تيار الزراية بهم حتى فتحوا أعيننا على حقيقة المسرح، وما ينبغي له من عناية وإصلاح. . . أو تجديد كامل إن اقتضى الأمر التجديد الكامل، لأن هذا لا يضيرهم في شيء، ما دامت الدولة ستعرف لهم سابقة الفضل وأولوية الجهاد، والبدء بالتضحية التي بخلت بها العائلات المحافظة فضنت بأبنائها وبناتها على المسرح الناشئ جهلاً منها وعدم عرفان بقيمته، وإن خرج بعض الشباب من أبناء أرقى الأسرات المصرية على هذا التقليد، فأقدموا إقدام الأبطال على الاحتراف المسرحي، فأعلوا من قدر المسرح، وارتفع بهم شأن التمثيل
ولقد عرضنا على القراء في كلمات سابقة بعض الخطوات التي خطاها المسرح في عدد من الممالك الأوربية بين الحرب الكبرى والحرب العالمية الحاضرة، وكان عرضنا لها بقصد الانتفاع بها في تجديد المسرح المصري، وأقام دعائمه على ضوء التجارب التي نضح بها المسرح الأوربي حتى نوفر على أنفسنا مشقة الوقوع في أخطاء لا داعي للوقوع فيها ما دام في مستطاعنا أن نهتدي بما تم من ذلك في الممالك الأخرى. وقد اتفقت الآراء على وجوب إنشاء أكثر من معهد واحد للتمثيل لتخريج الممثل المثقف الذي يجيد لغة أجنبية واحدة على الأقل، والذي له نصيبه من الثقافة العامة التي ينبغي ألا تقل عن القدر الذي يتم به الطالب علومه الثانوية، يضاف إلى ذلك ما يلقاه في المعهد من تاريخ المسرح وفن الإلقاء، وما يمارسه فيه من أداء عدد من (الأدوار) في مختلف العصور المسرحية، ومن مختلف أنواع الدرامة، إلى ما يحسن أن يعرفه أو يتقنه من أصول الموسيقى والإنشاد وما إلى ذلك مما لا تكمل ثقافة الممثل إلا به، وما ينبغي له من الرياضة البدنية والتمرن على إطلاق النار والمبارزة مما تتم به مرونة الجسم ويتفادى به ذلك الاستكراش والترهل الذي يعيب جسوم الكثيرين من ممثلينا