للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مصالحة: (أهذا كل ما هنالك؟ لا تضايقي نفسك فسأسوي الأمر) وما كان أشد دهشة الزوجة حين علمت في اليوم التالي كيف سوى زوجها الأمر! علمت أنه أرسل رباط رقبته مع الخادم إلى السيدة التي زارها مصحوباً ببطاقة كتب عليها: (هذه تكملة زيارتي)

على أن الدهر لم يسالم الكاتب النابغ طويلا، فقد فجعه الموت في ثلاث من بناته قضين صغيرات، وجل الخطب وفدح الرزء بفقد زوجته المحبوبة؛ ولكنه عاد فتصرف على هواه، وقرر بعد موت زوجته ألا يرتدي غير الثياب البيض وقد حرص على اتخاذ هذا اللون بقية عمره

كان مارك توين رقيق القلب شديد العطف على الناس يقابل ضعفهم بالتسامح، وبؤسهم بالرحمة، وجرمهم بالعفو؛ وذلك في شيء من الفكاهة الحلوة والدعابة الخبيثة. دخل اللصوص ذات ليلة في منزله في (إستار مفليد) وسرقوا كل ما وجدوه من الأواني الفضية؛ وكانت هذه السرقة شغل البيت وحديث أهله بالطبع، فأخطروا الشرطة وأذاعوا الخبر وتقاسموا الهم، إلا مارك توين، فقد كان في هذه الضجة هادئاً لا يعبأ بشيء ولا يقوم بحركة؛ فلما هم بالانصراف ليلاً إلى مخدعه علق في مكان ظاهر من مدخل الدار ورقة كبيرة كتب فيها هذه الكلمات

(اعلان للصوص في المستقبل)

ليس في المنزل بعد الآن أوان فضية بل مفضضة، وهي في ركن من أركان قاعة المائدة بجانب السلة التي تنام فيها القطط الصغيرة؛ وإذا احتجتم إلى هذه السلة فلا تنسوا أن تضعوا القطط في درج البوفيه الأسفل. أرجو ألا تحدثوا ضوضاء، وأن تغلقوا الباب وراءكم، وتقبلوا خالص احتراماتي.

(س. كليمانس)

ومن السهل أن نتصور ما قابلت به الأسرة هذا الاعلان من الدهش العظيم والضحك الشديد. وهكذا عاش ممثل الذكاء الأمريكي حتى توافاه الله في ٢١ ابريل سنة ١٩١٠ وهو في أوج مجده

<<  <  ج:
ص:  >  >>