يوم استبقيا بالقصر (لأمر تريده الحضرة) ثم قتلا فجأة (١٢ جمادى الآخرة سنة ٤٠١، وصودرت أموالهما، وعاد الحاكم بعد ذلك فأمن أولاد القتيلين وخلع عليهم
وإليك طائفة أخرى من حوادث القتل والسفك التي أمعن فيها الحاكم: في سنة ٣٩٩، قبض الحاكم على جماعة كبيرة من الغلمان والكتاب والخدم الصقالبة بالقصر، وقطعت أيديهم من وسط الذراع ثم قتلوا، وقتل فضل بن صالح من أعظم قواد الجيش وفي العام التالي وقعت مقتلة أخرى بين الغلمان والخدم، وقتل جماعة من العلماء السنية؛ وقبض على صالح بن علي الروذبادي لأسابيع قلائل من عزله، وقتل؛ وعين مكانه ابن عبدون النصراني، ثم صرف وقتل لأشهر قلائل؛ وخلفه أحمد بن محمد القشوري في الوساطة والسفارة، ثم صرف لأيام قلائل من تعيينه وضربت عنقه (سنة ٤٠١). وللحاكم قصة دموية مروعة مع خادمه غين وكاتبه أبي القاسم الجرجرائي، وكان غين من الخدم الصقالبة الذين يؤثرهم الحاكم بعطفه وثقته، فعينه في سنة ٤٠٢ للشرطة والحسبة ولقبه بقائد القواد، وعهد إليه بتنفيذ المراسيم الدينية والاجتماعية، وعهد بالكتابة عنه إلى أبي القاسم الجرجرائي وكان الحاكم قد سخط على غين قبل ذلك ببضعة أعوام وأمر بقطع يده فصار أقطع اليد؛ ثم سخط عليه كرة أخرى وأمر بقطع يده الثانية وحملت إلى الحاكم في طبق، فبعث إليه الأطباء للعناية به ووصله بمال وتحف كثيرة؛ ولكن لم تمض أيام قلائل على ذلك حتى أمر بقطع لسانه، فقطع وحمل إلى الحاكم أيضا، ومات غين من جراحه (جمادى الأولى ٤٠٤). وأما أبو القاسم الجرجرائي فقد أمر الحاكم بقطع يديه لوشاية صدرت في حقه، ولكنه أبقى على حياته، وعاش أقطع اليدين
وفي سنة ٤٠٥هـ قتل الحاكم قاضي القضاة مالك بن سعيد الفاروقي، وقتل الوزير الحسين بن طاهر الوزان، وعبد الرحيم ابن أبي السيد الكاتب، وأخاه الحسين متولي الوساطة والسفارة؛ وقلد فضل بن جعفر بن الفرات، ثم قتله لأيام قلائل من تعيينه. وهكذا استمر في الفتك بالزعماء ورجال الدولة والكتاب والعلماء حتى أباد معظهم؛ هذا عدا من قتل من الكافة، خلال هذه الأعوام الرهيبة، وهم ألوف عديدة.