للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الناس والإنسانية.

ومعظم أفكاره الفلسفية تتلخص في الفقرة التالية التي كتبها (الثقافة تتطلع إلى مرمى أبعد مما يتطلع إليه الإنسان العادي. فهي تكره الحقد ويدفعها شعور عظيم واحد هو شعور الجمال والضياء. وهنالك دافع أشد من هذا وأقوى، هو تنفيذهما وإحداث أثر ظاهر في الكيان الإنساني. وهي لا تنفك دائبة على العمل حتى ننتهي من إصلاح أنفسنا وتكيفها بشكل تام كامل. وإن تطور بعض الناس الأخلاقي الناتج عن تأثير (العذوبة والضياء) لغير كاف ما لم يسد هذا الشعور جميع طبقات المجتمع فيحدث الأثر المتوخي والنتيجة المقصودة).

ونرى أرنولد دائم الحض للناس على العمل لإظهار الأفكار الحقيقية والجمال الطبيعي، والعذوبة الغريزية والضوء الفطري. وأن من الواجب على الأفراد المستنيرين تغذية عقول الشعب وتثقيفهم الثقافة الضرورية. وما عظام الرجال في رأيه إلا أولئك الذين يستطيعون توزيع المعرفة والأفكار السامية على عقول أبناء جلدتهم وبني وطنهم من شتى الطبقات ومختلف الرتب والمناصب والذين جربوا بكل قواهم أن يرهف والثقافة الخشنة الصعبة المراس فيجعلوا منها أداة سامية، أداة عاملة لرفع مستوى التفكير والمعرفة الإنسانيين، ولخلق (العذوبة والضوء) اللذين يتوخاهما العالم ويحتاج إليهما.

لقد حاولنا في الفقرات السالفة أن نجمع بعض الأفكار التي أدرجها أرنولد في مؤلفاته ونحللها تحليلا فلسفياً معقولاً. ولقد يتراءى لنا أن فلسفته كلها تنحصر في هذه العقائد التي ذكرتها مع أنها في الحقيقة تكون قسما أعظم وأكثر اتساعا. وقد فضلت أن أبحث في فلسفته الدينية بحثاً خاصاً، فأرجأت تحليلها إلى الصفحات التالية.

(يتبع)

خيري حماد

<<  <  ج:
ص:  >  >>