للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتخلت هولندا لها عن مقاطعة في الملايو. ويظهر لنا من خلال هذا التبادل مدى اتحاد الحكومات الغربية في سبيل استبعاد الشعوب الشرقية الضعيفة. وفي سبيل الاستعمار والاستغلال تأتلف القوى الغربية الحديثة وتقف جبهة متحدة أمام القوى المناوئة لها. وأبرز مظاهر التعاون الاستعماري الغربي الحديث: الحرب الكورية والقتال في الهند الصينية والحركات العسكرية في الملايو. فقد اتحدت الدول الاستعمارية الكبرى على القضاء على الحركات التحريرية المنبعثة من البلدان الشرقية التي لا تزال تتجرع علقم الاستعمار الغربي. كما تعاونت تعاونا تاما فيما بينها على احسن الطرق التي يجب على كل منها أن تتبعها إزاء توارت الأفكار الحرة التي تطالب بالحرية والاستقلال ولا تزال نيران المعارك التحريرية مندلعة في أنحاء الشرق للقضاء على الاستعمار الغربي.

بدأ الاستعمار البريطاني في القرن السابع عشر يبسط نفوذه على الملايو. فقد مهدت (شركة الهند الشرقية) البريطانية السبل أمام الحكومة البريطانية لاستعمار الملايو. والاستعمار البريطاني للملايو بدأ أولا عن طريق الفتح الاقتصادي حيت تغلغلت شركة الهند الشرقية البريطانية في حياة الشعب الملايوي الاقتصادي. وغدت المرافق العامة في قبضتها، واستغلت جهود الشعب الملايوي في الإنتاج، كما استغلت سوء الحكم الإقطاعي الذي تميز به ذلك العصر في ضم الحكام البريطانيين إليها. حتى تركزت قدمها وانتشر نفوذها. وغدت الحياة الملايوية الاقتصادية تحت إشرافها. فرجال الاستعمار البريطانيون رجال ذوو خبرة وكفاءة ممتازة في أعمالهم، وذوو معرفة بعلم النفس استعملوا كل وسائل الأغراء والنفاق في جذب النفوس واستمالتها، والوسائل الاستعمارية البريطانية قد وضحت لدى الشعوب الشرقية، ورغم معرفتها لها، فإن التدخل البريطاني في شؤون الشرق لا يزال مستمراً، وإذا حققنا الأسباب التي جعلت بريطانيا تتدخل في شؤون الشرق منذ ثلاثة قرون إلى اليوم. برزت لنا من خلال هذه القرون الطويلة مآس دامية طوحت بالمثل الإنسانية العليا وبالكرامة والشرف، فصفاء القلب، ونقاء النفس، ونزاهة العمل، مفقودة عن بعض الزعماء للشرقيين الذين نصبوا أنفسهم زعماء على شعوبهم، فأصيبت بلادهم وشعوبهم بالخسران المبين جزاء لما اقترفوه من أثم. ثمكانت الطامة الكبرى. والبلية العظمى. بلية الاستعمار والاستعباد. ولم يدر بخلد الزعماء الشرقيين أن يدرسوا حياة القادة الأوائل الذين

<<  <  ج:
ص:  >  >>