واستمر يلقنه الدرس أسابيع متتالية، فكان القرد يطير فرحاً حين ينطق أستاذه أمامه، لأنه عرف أن هذا معناه الفوز بالأكل، ولكنه للأسف لم يحاول أن يتعلم النطق ولو استطاع القرد أن يقلد الأصوات كالببغاء أو كما يقلد هو أفعالنا لسمعنا منه العجب نظراً لقدرته على التفكير.
وخلاصة ما تقدم أنه ولو أننا لا نستطيع أن نجعل الحيوانات تنطق بلغتنا إلا أن لها لغة تتعارف بها فيما بينها سواء بالنطق أو بالحركات.
الغزل عند الحيوان
يتجلى الغزل عند الحيوانات بأطرف المعاني وأسماها في الطيور على الأخص حيث الوداعة والحنان ورقة العاطفة، وفي الغالب يبدأ الذكر بالمغازلة إلا في حالات خاصة كما في طائر الذي يعيش في القطب الشمالي حيث الأنثى هي التي تبدأ المغازلة والذكر هو الذي يتدلل.
ومظاهر الغزل عند الطيور عديدة تبعث في مشاهدها البهجة والانشراح. فإن ضاق بك الصدر يوماً أو عافت نفسك الكتاب فسر عنها برؤية ذكر الحمام وهو يبث أنثاه أشجانه وألحانه. أو الطاووس أو الديك الرومي وكل منهما يزهو أمام أنثاه فيبسط ريشه وتنتفخ أوداجه، وكذا في ذكر الغواص وأنثاه حين يسبحان في الماء معاً ويرفعان الرأس ويخفضانه ثم يدفع أحدهما الآخر تحت الماء حيث يسمع لهما صوت أجش صادر منهما. وتقيم بعض الطيور حفلات ترقص وتؤدي الذكور والإناث رقصات جنونية تفعل فعلها في الجنسين وتصرخ صرخات عالية ثم ينفرد كل ذكر بأنثاه.
ومن الطيور ما يألف أحد جنسيها الآخر بحيث يقيمان على عهد الوفاء حتى إذا مات أحدهما فقد يموت الرفيق الآخر كمداً عليه
وتخفت حرارة الألفة بين الجنسين إذا انتقلنا من الطيور إلى الحيوانات الأخرى كالثدييات ولو أن لبعضها مظاهر غزل كما في القطط إلا أنها لا تذكر بجانب الطيور التي قد لا يكون الغرض من غزلها إلا التسامر وازدياد الألفة. وفي الحيوانات ذوات الدم البارد كالتمساح يتلوى الذكر ويقفز في حركات بهلوانية أمام الأنثى ويصيح وينفخ في الماء