البعث العربي الجديد، وعشرة آلاف جنيه يبذلها عربي كريم لمشروع في تعزيز هذا البعث. . أنه شيء عظيم وأرجو أنه يكون أول الغيث.
إنني لم أيأس ولن أيأس، من هذه الأمة العربية، بل أقول إن شيء يدعو إلى التفاؤل، وكل ما منيت به إنما هو سحب لا بد أن تنقشع. لقد تركنا قبل مايو سنة ١٩٤٨ لا شيء، ثم صرنا بعد ذلك شيئاً. . لم نكن قبل موجودين لأننا لم نكن نعمل، ثم تحقق وجودنا لأننا عملنا وأخفقنا. . ولا بأس أن نخطئ ونخفق على أن ننهض وننفض الغبار ونستعد، وإنما اليأس كله أن نتفكك ونتوانى وننام.
إن هذه الأمة العربية أمة واحدة، وهي جسم واحد لا ينبغي أن يفرق بين أعضائه ما يند من إيذاء بعضها لبعض، فقد تعض الأسنان اللسان. فلا تخلع الأسنان، وسينتهي ألم اللسان! ولو أننا جعلنا مثل هذه الأمور سبباً إلى التفرق لما أبقينا على البلد الواحد بل الأسرة الواحدة، فلو أخذنا بما يحاجنا به المبطلون في الوحدة العربية مما حدث في الظروف الأخيرة التي لابست الحركة العربية لما أبقينا على مصريتنا لما يلابسها في بعض النواحي من بغى وفساد.
والبعث العربي الجديد يجب أن يقوم على الإغضاء وتناسي ما كان، ونقد الواقع الفاسد، والعمل للمستقبل. وهو من حيث التسامح والإيثار - كما قال العربي الأول:
وإن الذي بيني وبين بني أبي ... وبين بني عمي لمختلف جداً
فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم ... وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
وإن ضيعوا غبني حفظت غيوبهم ... وإن هم هووا غيي هويت لهم رشدا
وإن زجروا طيراً بنحس تمر بي ... زجرت لهم طيراً تمر بهم سعدا
ولا أحمل الحقد القديم عليهمو ... وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
لهم جل مالي إن تتابع لي غنى ... وإن قل مالي لن أكلفهم رفدا
بين الحقيقة والمجاز:
في إحدى الجلسات الماضية بمؤتمر مجمع فؤاد الأول للغة العربية ألقى الأستاذ عباس محمود العقاد محاضرة عنوانها (كلمات عربية بين الحقيقة والمجاز) بدأها بقوله:
توجد في اللغة العربية كلمات كثيرة بقى لها معناها الحقيقي مع شيوع معناها المجازي على