أرأيت؟! أي جدوى عادت عليّ أو عليك من هذه القطيعة التي أججت نارها، واندلع بيني وبينك أوارها، وأي غنم أفدت من شحناء لم تكن بعظيم بن عظيم، بل سليل آلهة عظماء؟!
ألا ليتها أودت تلك الفتاة التي أثارت كل تلك العداوة، وأغرت جميع تلك البغضاء بيننا! أي وأرباب الأولمب، ليتها أودت يوم غنمناها من مدينة ليرناسوس، حتى لا تفرح طروادة بما تم لها من نصر، وما حاق بجحافلنا من خذلان، لم يكن شئ منه يقع لولا ما أثارته بريسيز بيننا!
ولكن لا! فالفتاة نقية وطاهرة وبريئة، لأنها لا تزر وازرة وزر أخرى؛ ولكننا، معشر الهيلانيين، ينبغي أن نذكر أبداً أن لنا ثأراً عند هؤلاء الطرواديين، لا محيص لهم من أن نأخذهم به، وان نطلبه عندهم، فلا نرتد عينهم حتى يُدال لنا منهم، وتكون لنا الكرة عليهم حين يظفرنا اتحادنا بهم. . .
لنكبح جماح نفوسنا إذن! وليطفئ كل من غيظه في سبيل هيلاس؛ ولتندمل تلك الجراح التي تفثأ قلوبنا فتكاد تقضي على آمال أمة؛ وتطيح بأماني الوطن!
اجاممنون! بن أتريوس العظيم!
تلك يدي أضعها في يدك، عهداً مخفوراً وذمةً وفيةً، ألا ندع أهواءنا تهدم ما طمحت إليه نفوسنا من قبل، وان نكون من الساعة يدا على عدونا، وإلباً واحداً. . . . . . . . . . . . . . .
والويل بعدها لمن يجرؤ من جند طروادة أن يتصدى لنا، أو يجازف بنفسه أمامنا. . . . . هذا رمحي! وتلك قناتي! ويا طالما قد ظمئت آلي الدماء. . . . . . . . . .!)
وتدفقت الدماء في عروق القادة، وشعروا كأن السماء ترفعهم إليها فتطهرهم وتزكيهم، وتعود بهم إلى الثرى قوماً آخرين!
ونهض أجاممنون من مكانه، ولم يستطع أن يتقدم إلي مكان الخطابة، فقال: (أيها الأصدقاء!