لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)
(٢) السنة: وهي ما صدر من النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، وقد جاءت السنة مبينة للقرآن، ومفصلة له، كما قال تعالى:(وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) فكان يبين ما أراد القرآن أحياناً بالقول وحده، وأحياناً بالفعل وحده، وأحياناً بهما معاً، كما صلى وقال (صلوا كما رأيتموني أصلي) وقد أمر الله في القرآن باتباعه فقال: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)
(٣) الإجماع: وهو اتفاق المجتهدين من المسلمين في عصر من العصور على حكم من الأحكام الشرعية
(٤) القياس: وهو إلحاق ما لم يرد فيه نص عن النبي صلى الله وسلم بما ورد فيه ذلك بناء على وجود مشابهة بينهما
فأما القرآن الكريم فهو أصل هذه الأصول الأربعة، وقد حفظه الله تعالى لهذه الأمة الكريمة سالماً من التغيير والتبديل، وقد كان له كتاب يكتبونه على عهد النبي صلى عليه وسلم، قيل إنهم كانوا ستة وعشرين، وقيل إنهم كانوا اثنين وأربعين، وكان ما يكتب منه يوضع في بيت النبوة، وكان بعض هؤلاء الكتاب يكتبون منه صورة لأنفسهم، وكان بعض الصحابة يحفظه جمعيه، وبعضهم كان يحفظ كثيراً منه، وقد هيأت هذه الأسباب كلها حفظه بين المسلمين إلى يومنا هذا، واتفاقهم على ألفاظه ونصوصه، وهم لا يختلفون إلا في فهم بعض هذه النصوص، ومن السهل جمعهم عليها، أو تقريب مسافة الخلف بينهم فيها
وأما السنة فكانت لا تكتب في عهد رسول الله لئلا يؤثر أمرها في القرآن الكريم، ولم يكن يكتبها على عهده إلا نفر قليل، مثل عبد الله بن عمرو بن العاص وغيره، فلما كان عهد عمر بن الخطاب أراد أن يكتبها فلبث شهرا يستشير ويستخير، ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له، فجمع الناس وقال لهم: إني كنت ذكرت لكم من كتاب السنن ما قد علمتم، ثم تذكرت فإذا أناس من أهل الكتاب من قبلكم قد كتبوا مع كتاب الله كتباً، فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء
فمكث أمر السنة على هذه الحال مدة طويلة تبلغ نحو مائة سنة بعد الهجرة، وهي في هذه المدة كلها لا تؤخذ إلا بالرواية، ولا تحفظ إلا في الصدور، فلما جاء عهد عمر بن عبد