قيدت البشرية نفسها منذ خلق العالم بقيود فرضتها عليها جماعة من الأنانيين الأقوياء الذين مثلوا دور (أنا) خير تمثيل. . . استغلوا عقول السذج البلداء، والسواد الأعظم من البلهاء، فحللوا وحرموا ووضعوا القيود الأدبية والحواجز الأخلاقية والاجتماعية. أطاعتها المجتمعات الإنسانية حتى اليوم، وأدخلت نفسها طوعاً واختياراً أو خوفاً ورهبة في عداد العبيد وطبقات الأرقاء. صارت تقاد كما يقاد قطيع الغنم أو البقر إلى المجازر باسم الوطن والشرف والدفاع عن العرض أو العقيدة والمال، إلى غير ذلك من الكلمات التي (فبرقتها) معامل أولئك الأنانيين، وأنتجتها أفواه أولئك الحكام الجبابرة العتاة. وما التاريخ البشري سوى عبودية دائمة من هذا النوع
يقول: لو حللنا الأعمال البشرية بجميع أنواعها وألوانها تحليلاً علمياً لوجدنا (الأنانية) هي الدافع الأول في جميع حركات الإنسان. هي الأول، وهي كل شيء هي الحقيقة الأولى، وهي الحقيقة الأخيرة. هي التي صورت لي العالم بهذه الصورة. وهي التي جعلت الإنسان يبني ويشيد ويشتغل. لو جردنا ما نسميه في قاموسنا (العالم) من أنا، أو الأنانية لما بقي شيء من هذا الذي سميناه عالماً. ولذلك فالحقيقة واحدة وهي حقيقة (أنا). تدرك هذه الحقيقة ما يحيط بها بواسطة منبعين: منبع الإدراك أو التصور ومنبع الإرادة
فما دام الأفراد الأنانيون هم الذين وضعوا تلك القيود في سبيل منافعهم الشخصية ومآربهم الذاتية؛ وما دامت الأنانية هي الغالبة على كل عمل إنساني، فلم يستمر الفرد على تحمل تلك العبودية؟ ولم يذعن لتلك القيود التي قيد بها جبراً؟ ساقت هذه النتيجة المنطقية إشترنر إلى البحث عن الحرية: حرية الأفراد، وما يملكه الفرد، فوضع كتاباً في هذا المعنى سماه (الفرد وما يملك) تهجم فيه تهجماً شديداً على القيود الأخلاقية والاجتماعية والدينية التي تحكمت وظلت تتحكم في عصره، وشن حرباً شعواء مقدسة على المبادئ الدولية وعلى كل شيء عام يطلق عليه وصف بشري، وعلى الحكومات التي انتزعت سلطة الأفراد، وعلى الشيوعية التي ناوأت الملكية الفردية، وهي أقدس حق من حقوق الإنسان. سخر من المجتمع ومن تكاليف المجتمع بعبارات لاذعة لم يعرف مثلها في أي كتاب من كتب العالم
كان الشاعر الأديب الإنكليزي (برنارد مندويل صاحب كتاب (أسطورة النحل)