للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

سببه وبقي أدبه؛ ولا أن نسوء العقاد حفيظة نتوارثها له عن الرافعي أو من ذات أنفسنا، فما من شيمتنا مثل ذلك؛ كلا، بل نكتب لنميط الأذى عن حرم الموت، وكفى بالموت حقاً وجلالاً

ورحم الله الشعبي فقد كان يقول: (تعايش الناش زماناً بالدين والتقوى، ثم رفع ذلك فتعايشوا بالحياء والتذمم، ثم رفع ذلك فما يتعايش الناس اليوم إلا بالرغبة والرهبة. وأظنه سيجيء ما هو أشد من هذا) ولقد جاء وفات ما نحن فيه ظنون الشعبي. فما يتعايش الناس اليوم إلا بثلب الموتى!

وإلا فما الذي رمى في صدر الأستاذ سيد قطب بهذه الغضبة الجائحة من أجل العقاد؟ ألم يكتب الرافعي للعقاد يوم كان يملك يكتب ويقول؟ أولم يكتب العقاد للرافعي ما كتب؟ ثم نامت الثائرة ما بينهما زمناً كان حده الموت. يقول الأستاذ: إنه - هو لا العقاد - (كان مستعداً للثورة والحنق، لو تناول بعض هؤلاء - يعني الرافعي ثم مخلوفاً - أدبه! بمثل هذا الضيق في الفهم، والاستغلاق في الشعور. . .) أفكان كلام سعيد العريان - وهو يؤرخ أحقاداً قد سلها الموت إذ سل أسبابها - هو الذي أثار هذا الحي المستعد للثورة على ذلك الميت العاجز عن دفع الثورة؟ ثم ما الذي يحمله على أن يلبس هذه الثورة جلد النقد؟ والعجب أن يثير ما كتب (سعيد) حياً ليس شيئاً في الخصومة بين الرافعي والعقاد، وهو ليس يثير العقاد أحد طرفي الخصومة، وهو الذي يملك أن يقول لسعيد أخطأ أو صاب. . .! أشهد أن ما بالأستاذ قطب النقد، ولا به الأدب، ولا به تقدير أدب العقاد أو شعره. فما هو إلا الإنسان وجه يكشفه النور ويشف عما به، وباطن قد انطوى على ظلمائه فما ينفذ إلى غيبه إلا علم الله

وأنا أقدم بين يدي كلامي حقيقة لابد من تقريرها عن الرافعي والعقاد، وذلك أن الرافعي - رحمه الله - لو كان يرى العقاد ليس بشيء البتة، وأن أدبه كله ساقط ذاهب في السقوط، وأن وأن. . . مما كان يكتب ليغيظ به العقاد من جراء العداوة التي ضربت بينهما - لما حمل الرافعي عناء الكتابة في نقد العقاد وتزييف أدبه وإبطال أصل الشعر في شعره. ولو كان العقاد يرى الرافعي بعض رأيه الذي كتب لما تكلف الرد على الرافعي ولا التعرض له. وكم من رجل كتب عن الرافعي وعن العقاد ونال منهما وأوجع! ولأنه ليس يدخل في

<<  <  ج:
ص:  >  >>