الاختفاء). مثل هذا الشخص مريض، على المجتمع أن يعالجه، بل هو جاهل علينا أن نعلمه، فليسمع قول المتنبي شاعر البطولة:
إذا غامرت في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير ... كطعم الموت في أمر عظيم
وليتمثل علو الهمة في الشافعي:
همتي همة الملوك ونفسي ... نفس حر ترى المذلة كفرا
وعندي أن الأناني لص اجتماعي، لأنه إذا استغنى عن المجتمع بما لديه من مال أو جاه إنما يتسلل في الخفاء وبنهب عرق الكادحين ويمتص دماءهم، وهو في وكره البعد ينعم بالدفء والراحة، فهو يأخذ ولا يعطي
وما علينا إذن إلا أن نحطم أوكار الأنانية على أصحابها، وأن نسوقهم أمامنا إلى ميادين العمل حتى يتذوقوا مرارة العيش التي يمسي فيها العاملون ويصبحون. وهكذا يتدخل الفرد والمجموع وتتفاعل الحياة بينهما على نحو طبيعي تقدمي:
ولقد دل حديث الرسول (ص) على استمرار العمل الإنساني بقوله عليه السلام: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)
أما بعد: فليعلم كل من لا يعلم أن الفقر والجهل والمرض ما هي إلا أعراض الظلم والجين والأنانية؛ وهي بحق العلل الفتاكة، فلنحارب كل ظالم، وكل جبان، وكل أناني، وإليكم رائدنا قول الشاعر:
متى تحمل القلب الذكي، وصارما ... وأنقاً حميا تجتنبك المظالم