يضركم من ضل إذا اهتديتم) وأني سمعت رسول الله يقول (إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوه على يده، أوشك الله تعالى أن يعمهم جميعاً بعقاب) وماذا يمنع المرء أن يكون قادراً على رد الظالم وقد أعزه الله تعالى بقوله الكريم
(ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين)، ولماذا يتخلى صاحب العزة عن سلاحه الذي به يسود، وهو يعلم أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، وأن نصر المؤمنين حق. ولقد ساير الإسلام طبيعة البشر في مدارج الإسلام لدفع الظلم بالقلب، فإذا امتلأ بالإيمان نطق اللسان قوياً في الجماعة التي تقوى بدورها لدر كل منكر باليد حتى يزول، وهذا مصداق لقول الرسول (ص)(من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)
وما كان لمؤمن أن يرضى لنفسه الضعف أو الوقوف عند مجرد الإنكار بالقلب، وذلك مما لا يؤدي إلى الغرض، وهو القضاء على الظلم، وإلا ارتفعت درجة الظلم كلما انخفضت حرارة الإيمان، ولذا يقول الرسول الأعظم (الساكت عن الحق شيطان أخرس)
إن الجبن الذي يقعد بصاحبه عن المغامرة في شرف دفع الظلم فتتفكك أوصاله وترتعد فرائصه، وتختل قواه، ويقبع في عقر داره، وينعقد منه اللسان إن لم يلجأ إلى الملق والنفاق، ليحجب أفاعيل الخور والهزيمة في نفسه، وهنا يزين له الشيطان مسلكه! فإذا بالجبان طاغية وباغية، وإذا بالرعديد كالصنديد إذا خلا بأرض طلب الطعن والنزال وحيداً
والأصل أن يكون المؤمن قوياً عزيزاً ليكون شجاعاً كريماً، يندفع إلى الحق في صراحة وحماسة، لا تأخذه لومه اللوام، وله في ذلك شرف المجاهدين في أشق ميادين الجهاد وهو النفس، وبهذا يرتفع لواء الخير وتعلو كلمة الحق، ويسود العدل، وما يلبث ضعاف الإيمان أن يتدافعوا نحوه، فتقوى قلوبهم، وتشتد سواعدهم في سبيل الله، والجبان لا يتخلف عن الركب القوي إلا لأنانيته الخسيسة، وحبه لنفسه المتهالكة الواهية، وإمعاناً في إخفاء ما يستذل العنق، وإبقاء على سر موغل بصاحبه إلى عيب دفين، فإذا به ينطوي على نفسه يكتم منافذها جهداً استطاعته، منزوياً بها عن الهواء الطلق والنور الصريح، وهنا يعقد له منطق التبرير ما يطمئن قلبه، بقول فيلسوف العرب ديكارت (عاش سعيدا من أحسن