يجوز أن أجرح رجلاً شغل نفسه بتأليف كتاب يردّ به على كتابين من مؤلفاتي، والأستاذ دريني يعرف أن الذوق هو خير ما دعا إليه الأنبياء
والمودة الوثيقة التي أضمرها للأستاذ درينى توجب عليّ أن أدعوه إلى الاقتصاد في الغض من نظرية وحدة الوجود، فهي نظرية عبقرية، وهي خير ما جادت به قرائح الفلاسفة في تاريخ الفكر الإنساني، وليس من السهل أن تنهدم بمقالات يؤازره فيها الأستاذ عبد المنعم خلاف، وإن بلغا الغاية في قوة الحجاج
أنا أحترم كل رأي يصدر عن عقيدة، وأن أنكره عقلي، ولا أحتقر غير الآراء التي تصدر عن الرياء
ومن المؤكد عندي أن الأستاذ درينى والأستاذ عبد المنعم يصدران عن عقيدة في الغض من نظرية وحدة الوجود، فأنا أنظر إلى ما يكتبان بعين المحب العطوف
فإن قال قائل: وكيف جاز أن أسكت عن تأييد هذه النظرية والأقلام تنوشها من كل جانب؟ فجوابي أنني قلت فيها كل ما أملك من القول في كتاب التصرف الإسلامي، وأنا أكره الحديث المعاد
وأنا أيضاً نقضت هذه النظرية بعد أن شرحتها في كتابي، لأن طريقتي في التأليف تقوم على أساس الاستقصاء في موازنة الآراء
وهنالك مشكلة سكت عنها الأستاذ درينى وهي تأثير تلك النظرية في الحياة الإسلامية، إن كان قرأ الفصل الخاص بالمدائح النبوية في كتاب التصرف الإسلامي
فما رأيه في هذه المشكلة، وهي من كبريات المشكلات؟
سيدفع الأستاذ درينى ثمن المودة التي أضمرها لروحه اللطيف، والثمن هو دعوته إلى قراءة كتاب التصوف الإسلامي مرة ثانية ليرى كيف أقمت نظرية وحدة الوجود على أمتن أساس
يسرني أن أساجل باحثاً له في نفسي منزلة الصديق الغالي، ويسرني أن ينتصر في المساجلة؛ فما لي غرض غير الوصول إلى الحق، ولو كان دليلي إليه أعدي أعدائي
أنا أعلن أيماني بنظرية وحدة الوجود على نحو ما ذهبت إليه في كتاب التصوف الإسلامي، ولن أرتاب إلا بإقناع، فهل تستطيع إقناعي يا أيها الصديق؟