يؤملون إذا ما بلغوه أن يظفروا بما قد أحبوا في الحياة (ألا وهي الحكمة)، وأن يتخلصوا في الوقت نفسه من مرافقة عدوهم. وكأين من رجل تمنى أن يذهب الى العالم الأسفل، آملاً أن يصادف هناك معشوقة دنيوية، او زوجاً، أو ولداً، ليتحدث إليهم. أبعد ذلك يشفق من الموت مضنْ هو للحكمة محب صحيح، ويعتقد كذلك أن لن تتاح له بحق إلا في العالم الاسفل؟ أليس يقابل لرحيل بالبشر؟
إنه يا صديقي لابد فاعل إن كان فيلسوفاً حقاً، لأنه سيوقن يقيناً ثابتاً أنه لا يستطيع أن يلتمس الحكمة في نقائها إلا هناك فقط، دون أي مكان آخر. وإن صح هذا، فأبلغ به من أحمق - كما سبق لي القول - إن كان يَفْرَقُ من الموت
فأجاب سمياس - لا ريب في أنه فاعل
وأنت إذا رأيت رجلاً يجزع من اقتراب الموت، كان جزعه دليلاً قاطعاً على أنه ليس محباً للحكمة، ولكنه محب للجسد، وربما كان في الوقت نفسه محباً للمال، أو القوة، أو كليهما
فأجاب - هذا جد صحيح
- إن ثمت يا سمياس لفضيلة تدعى الشجاعة. أليست هذه صفة خاصة بالفلسفة؟
- بقينا
- وكذلك الاعتدال. أليس الهدوء، وضبط النفس، وازدراء العواطف، التي يسميها الدهماء أنفيهم بالاعتدال، صفة مقصورة على أولئك الذين يحتقرون الجسد ويعيشون في الفلسفة؟
- ليس في ذلك خلاف
- وأنت إذا نظرت إلى الاعتدال والشجاعة عند سائر الناس، ألفيت بينهما، في حقيقة الأمر، تناقضاً
- وكيف ذلك يا سقراط؟
فقال - إنك عليم بأن الناس بصفة عامة ينظرون عامة إلى الموت شراً وبيلاً