للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لنستظل بلواء القرآن ونهتدي بهدى القرآن؟

والجواب في ذلك عند الذين بيدهم الحول والطول، ولهم الإشراف على مناصب التشريع والتنفيذ في البلاد: إنهم يرونه بعيدا ونراه قريباً. يقولون: ماذا نصنع وقد أصبح للأمة نظام ثابت متركز، وقانون قد ألفه الناس، ووضع اقتصادي قد سرى إلى سائر معاملاتها ولن تستطيع التخلص منه؟ ماذا نصنع وقد ألفنا في الأحكام والقضاء والعقوبات نظاماً معيناً لا تسمح لنا المعاهدات والقيود الدولية بالخروج عنه؟

يقولون هذا، ويردون به دعوة الدعاة إلى هذه الشريعة، وهم يعلمون أن هذه الشريعة لا تجافي أصول المدنية الحديثة، ولا تنفر من مجاراة النهوض والتقدم، وأن مؤتمرات أوربا قد شهدت لها بذلك وسجلته في قراراتها، وأن ما لا يدرك بالطفرة يدرك بالتدرج وحسن التأتي.

لا نقول لكم: اقلبوا التشريع في البلاد رأسا على عقب، ولا نقول لكم فضوا الشركات والمصارف التي تتعامل بغير ما يقضي به الدين فيما بين يوم وليلة، ولا نقول لكم نفذوا ما جاءت به الشريعة الإسلامية في أحكام القضاء والعقوبات دفعة واحدة؛ وإنما نقول لكم تدرجوا بالأمة في سبيل العودة إلى أحكام الإسلام كما تدرج القرآن بالمسلمين من قبل: خذوا في كل قانون تضعونه منذ اليوم، وفي كل تعديل تقررونه، بمبادئ القرآن، ولا بأس من أن تؤجلوا ما لا تقدرون عليه حتى تعدوا النفوس له، وتقنعوا أنفسكم وتقنعوا الناس به. فإنكم إذا بدأتم السير في هذا الطريق تمهد أمامكم وتيسر لكم، ولم تصادموا به تعهدا من تعهداتكم!

(ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون؟)

محمد محمد المدني

المدرس بكلية الشريعة

<<  <  ج:
ص:  >  >>