دولة الحسن، عليها ساهر ... نابل من طرفه والحاجبان
ومن البحر جحيم ساجر ... ومن الوصل فراديس الجنان
غضبة الشاعر ليل زافر ... جلل الأرض بنار ودخان
ورضا الشاعر صبح سافر ... ملأ الأرض بنور وأمان
يصبغ العالم ما شاء كما ... لعبت باللون أيدي الراسمين
فإذا شاء أراه مأتما ... وإذا شاء فعُرس الفرِحين
ويلف السحب من نيرانها ... في إهاب الغيظ والحقد المكين
ويسل البرق من أجفانها ... سيف ثأر مٌصلتاً للظالمين
ويقود المزن من أرسانها ... بيد الريح شمالا أو يمين
ويعد الرعد من تحنانها ... حين يروي الأرض بالغيث الهتون
أو يرى فيه صدى طغيانها ... ردّدته رهبة للسامعين
ويقيم الطير في أفنانها ... شاديات باكيات كل حين
ويرى النهر دموعا ودما ... من عراك الدهر والقلب الحزين
أو يرى الصفحة سرا محكما ... نسجته الريح بين الناسجين
ويرى الورد ضحوكا طًربا ... إذ تُحليه من الطل درر
فإذا الورد ذوى واكتأبا ... وإذا الطل هو الدمع انتثر
ويرى البانة قدّا معجبا ... ماس في الروض دلالاً وخطر
ويرى الجدولِ صّلا هاربا ... في ظلال الأيك أعياه الوزَر
ويظن الريح دارت لعبا ... في ذرى الأشجار تلهو بالطرر
ويخال الطير غنّى مطربا ... يقرأ الحسن بصفحات الزهر
ضاق هذا العيش إلا حلما ... راق في الأهوال نومَ الكادحين
تضحك الآمال فيه كلما ... أبكت الآلام عيش البائسين
صاح والشاعر في نظراته ... يخرق الستر إلى سر الضمير
فيرى الآمال في طياته ... ودبيب الحزن فيه والسرور
يكشف المحزون في أنّاته ... اذ يراه الناس في ثوب الحبور