للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد توفي كراتينوس غريقاً سنة ٤٢١ ق. م.

وممن نبغ في النظم الكوميدي قبل أرستوفان الشاعر فِرَكْرَاتِسْ، والنتف الباقية من كوميدياته تدل على علو كعبه في فنه، وعلى أنه كان يسمو كثيراً على جميع الشعراء الكوميديين حتى أرستوفان. وقد نال أولى جوائزه سنة ٤٣٧ ق. م. وكانت كوميدياته تمتاز على غيرها بتنوعها وتناولها المشكلات الاجتماعية الشائكة نحو مسألة الرقيق والبغاء وما إليهما، وهو ضريب أرستوفان في تخيّل الطوبويات وجنات النعيم. . . فمن ذلك ملهاته الضائعة (المنجمون) أي عمال المناجم لا رجال التنجيم، وملهاته الضائعة الأخرى (الرجال النمل!)، وقد نسج على منوالها الأديب الحديث ويلز في إحدى طوبيوتاته.

وكما كان كراتينوس يتخذ من بركليس هزواً لكوميدياته فكذلك كان فراكراتس يتخذ السياسي العظيم المعروف ألسبيادس لمثل ذاك الغرض، وإن يكن لم يَعنفْ عليه كما عنف تيموتيوس.

أما يويوليس فقد كان أعظم الشعراء الكوميديين المعاصرين لأرستوفان. . . وكان نِدّاً قوياً له، وقد اتهم كل منهما أخاه بأنه سرق منه ملهاته (الفُرْسان). . . وكان على العكس من كراتينوس يحب بركليس ويمتدح مزاياه في حين كان يبغض رئيس الوزراء كليون ويمزقه في كوميدياته تمزيقاً لا رحمة ولا هوادة فيه. وكان أرستوفان لا يجرؤ على التهكم على سراة الاثينيين وأغنيائهم، أو هو كان لا يحب ذلك، لأنه كان غنياً مثلهم كما سيمر بك، لكن يويوليس كان لا يبالي أحداً منهم فقد فضحهم وأضحك الدنيا عليهم في ملهاته الضائعة (المداهنون)، وكان مثل فراكراتس يبغض السياسي ألسبيادس ويتخذه سخرياً في ملاهيه. ويختلف المؤرخون في سبب ضياع كوميديات يويوليس كلها مع أن كثيراً منها كان أروع وأفخم من كثير من كوميديات أرستوفان. . . وقد علل الأستاذ موراي ذلك فذكر أنه كان من معتنقي ديانة خاصة بالآلهة كوتيتو، وكانت طقوس هذه الديانة تمارس في السر وفي خفية من الناس، وكان العَوام من أهل أثينا لا يبغضون شيئاً مثل ما يبغضون هذه العبادات التي تؤدى في الظلام فلعلهم ثاروا بالشاعر وأبادوا آثاره بعد موته.

ومن الشعراء الكوميديين فرينيخوس وأفلاطون - وهو غير أفلاطون الفيلسوف - وقد نقلا الكوميديا نقلة شاسعة نحو الأغراض الأخلاقية الخالصة؛ ولذا سقطت ملاهيهما لأنها سبقت

<<  <  ج:
ص:  >  >>