النزعة الصحفية في كثير من المقالات، فهي عادة قصيرة لا تتجاوز صفحتين أو ثلاث، ولهذا يختار المؤلف عادة موضوعات سانحة قصيرة كموضوع (عبادة المال) أو (على سطح البحر) حيث يتكلم عن خشية الراكب متن البحار. و (تركيا والألقاب) و (التأنق والتجمل) و (الرأي العام) وهلم جرا. وقد يرى البعض أن هذه الموضوعات في حاجة إلى التوسع والتعمق، لكن المؤلف عرف كيف يلم بكل منها إلمامة قصيرة، ولكنها في كثير من الأحيان لا تخلو من جمال: أنظر إلى قوله من مقال (خطاب عن الموسيقى).
إن الكون كله قصيدة أنشدتها الطبيعة
إن الملائكة تغني
إن الطيور تغرد
إن حفيف الأوراق والأشجار غناء
إن زمهرير الرياح غناء الغضب
إن هينمة النسيم غناء الرقة والعذوبة
وفي الكتاب بحث في موضوع المبارزة بشيء من التفصيل وشرح الاعتبارات القانونية للمبارزة في مختلف البلاد. ليس هذا البحث وأمثاله أحسن شيء في الكتاب. بل خير ما فيه هو تلك القطع الأدبية، التي يصور بها المؤلف عاطفة أو فكرة أو خيالا، وكنا نود لو أسقط المؤلف مقاله عن (العرى) وعن (حفظ القلوب) فما كان يفقد الكتاب من قيمته شيئا. أما القصائد والمقطوعات، فمن رأينا أنها دون المقالات طبقة. وإلى القارئ مثالا يستطيع به أن يقارن بينه وبين ما ذكرنا له من منشور، قال يهنئ صديقا بالزواج:
بارق البشر بهيا طلعا ... فابسمي إن به كل الرجا
أنت رمز الطهر والحسن معا ... وأبوك الندب رمز للحجى