كان الناس قد بلغهم الخبر، فإذا جموع هائلة بأبواب المدينة، وإذا هتاف عال يستقبل الموكب: عاش دادون! عاشت الملكة! عاش دادون! عاشت الملكة!
ولكن من هذا الرجل الأبيض الرأس واللحية الذي يشق الجموع ليلحق بعربة القيصر؟ إنه الخصي الحكيم!
أقبل على القيصر يقول: تحيتي يا مولاي! فقال القيصر: ماذا تريد؟ قال: حساب بيننا يا سيدي. . . لقد أقسمت أن تجيب رغبتي. . . إني أريد هذه الفتاة. . . ملكة شاماخان!
فصرخ الملك دهشا: إنك تهذي. . . ما نفع فتاة لخصي؟ اطلب شيئا آخر فأقدمه إليك. . . اطلب خير ما في حظيرتي من جياد، أو مرتبة من مراتب الحكم، أو إن شئت فاطلب ذهبا. . . حتى نصف ما في المملكة!
قال الساحر: لا شيء مما يوهب يستحق أن يرغب فيه. . . إني لا أطلب غير ملكة شاماخان!
جن القيصر من الغضب وصاح: لقد أخطأت في تقدير ثمنك أيها العبد. . . لم يكن جديرا بي أن أتركك تتحدث!
وبصولجانه قرع دادون هامة الخصي قرعة شديدة، فسقط الرجل على الأرض ميتا!
وحينئذ اهتزت المدينة اهتزازا شديدا ارتعب له قلب دادون! ولكن الفتاة علا ضحكها في تلك الساعة. . . فما كان منه إلا أن تكلف الابتسام، وأمر بمواصلة المسير. . .
وعلى حين فجأة سمع صوت ضئيل، وإذا بالديك الذهبي يطير إلى العربة الملكية، وإذا به يستقر على هامة القيصر فنفض ريشه أولا، ثم نقر دادون في وسط هامته، ثم حلق في الجو عائدا إلى السماء. . .
ونزل القيصر من العربة، فإذا به يسقط على الأرض بدوره، وإذا به يئن أنة واحدة. . . ثم يسلم الروح!
أما الملكة، فإن أحدا لم يرها بعد، وكأنها لم تكن هناك!!
إن الأساطير وإن بعدت عن الحقائق قد يستفيد منها اللبيب عظة أو اثنتين. .