يصيح: كوكو. . روكو!. . كوكو. . روكو! فالتفت القيصر إلى القائد صارخا: أعدوا الجياد. . أعدوا السلاح. . . انطلقوا سريعا إلى الحدود!. وإلى الشرق طار الجيش الكثيف يقوده الابن الأكبر لدادون. . حينئذ هدأت ثورة الديك؛ وكف عن الصياح!.
مضت أيام ثمانية ولم يأتي عن الجيش خبر: أقاتل، أم فر؟ صه. .! صه. .! لقد صاح الديك من جديد - فليذهب الجيش الثاني إلى الشرق وعلى رأسه الابن الثاني لدادون. نعم، وفي هذه المرة أيضاً مرت أيام ثمانية ولم يأت الخبر! فلما صاح الديك للمرة الثالثة، هب دادون العجوز، وقاد سائر الجند بنفسه، ومضى إلى الشرق وهو يطمئن الناس، وإن لم يكن هو في داخيلة نفسه بمطمئن. . .
ساروا الليل والنهار حتى أدركهم التعب وهمدت قواهم. هذا والقيصر في عجب ودهشة: لا دليل على معركة. . . ولا أثر لساحة. . . ولا معسكر. . . ولا رجمة يثوى تحتها بطل. . .
في نهاية اليوم الثامن، صعد القيصر في شعب نل، فصعد خلفه الجنود - فماذا رأوا؟!
بين قمتين من الصخر رأوا خيمة من الحرير قائمة! كان صمت عجيب يسيطر على المكان. . وفي مجرى ضيق بسفح الجبل، وجد القيصر أبطاله الذين أرسلهم مذبوحين. . . وأمام باب الخيمة وجد ابنيه الأكبر والأصغر، كلا ملقى بلا دروع، وقد أغمد سيفه في جنب أخيه. كان الكلأ مصبوغا بالدم، والجياد تمرح في الوديان والقيصر المسكين يولول في جنون: آه يا ابنيَّ! كلا النسرين صاده الصياد. . . وا ضيعتي!!) وناحت الجنود لنواحه، ورددت الآفاق الصدى، فكأنما شارك الجماد في الحزن والأنين. . .
وعلى حين فجأة انشق ستار الخيمة عن ملكة شاماخان تلمع لمعان الشروق، أومأت إلى القصر محيية، فلاح دادون وكأنه طير من طيور الليل في سناها الخاطف، سمرت عيناه في جمالها، وطار من رأسه كل حزن وأسى على ابنيه اللذين لقيا الهلاك. وتبسمت هي لدادون، ثم انحنت قليلا، فأمسكت بيده وقادته إلى داخل خدرها، وقدمت إليه طعاما ملكيا فاخرا، فلما تناول منه، قادته إلى أريكة موشاة بالذهب، مسترة بالدمقس.
سبعة أيام وسبع ليال، والقيصر (دادون) ينهل من السرور، ويطيع الملكة طاعة عمياء. ثم حان الرحيل، فتأهبت الجنود، وهيئوا الركاب، وسار الجميع في طريقهم إلى عاصمة