وكثر تردده على ذلك المكان، وكانت في قمته صخرة وجد الراحة والعطف في قلبها الجلمود. . . واستغرق في أحد الأيام في ذهول عاطفي جعله كالميت لا يتأثر مما حوله ولا يحس بوجود نفسه وفتح عينيه فجأة وحملق. . وعاد إلى وعيه فرأى. . وحسب نفسه في حلم. . ولكن التي يراها أولالا. . أولالا جاءته بنفسه تبتسم إليه. . لقد تلاقيا. . عجبت أولالا من رؤيته في تلك القمة - ولكنها كانت تعرف ذلك وتعمدت المجيء - وتظاهرت بالعتب عليه لبقائه قريباً منها حتى ذلك الوقت وقالت له إن قصة حبهما قد تحث بها القاصي والداني وأن الناس قد نذروا قتله وقتلها. وجثت على الأرض واستغرقت في صلاة عميقة وهو يدعو الله أن يلهمه ويلهما الصبر والرحمة. وودعته بعد أن قالت له إنها راهبة، وقد وضعت حب الله بينه وبينها.
وعاد إلى ديره وقد أخذ اليأس من نفسه كل مأخذ: إنه لن يراها بعد اليوم.
لعمرك ما فارقت بغداد عن قلبي ... لو أنا وجدنا من فراق لها بدا
كفى حزناً أن رحت لم أستطيع لها ... وداعاً ولم أحدث بساكنها عهداً