للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- ٤ -

ومر فلوريدور بعد أيام قرب دير راهبات الكرمل، فرأى جمعا محتشدا في الأسواق المجاورة، وسمع رنين الأجراس مؤذنة باحتفال كبير، وإذا بعربة مذهبة موسومة بشارات الشرف ووراءها عدد من العربات الأخرى، وكلها فاخرة تجرها الجياد المطهمة. فسأل أحد المتفرجين عن هذا الاحتفال فقال له: هذه عربة الدوق بارسلان تحمله وامرأته لحضور حفلة ابنتهما. .

ولم يقف فلوريدور ليسمع تتمة الحديث؛ بل اندفع راكضا نحو مسكنه الحقير وهو يقول في نفسه: أواه، لقد نجحت في تمثيلي، وهذه الحبيبة تتزوج اليوم بشريف من طبقة أهلها. ويلاه من ظلم الأقدار!

وما آوى إلى غرفته حتى رأى على الخوان غلافا باسمه، فافتض ختمه وقرأ ما يأتي:

(بالرغم من محاولتك اقتلاع حبك من قلبي لم يزل شخصك نصب عيني، فلن أنظر إلى غيرك حتى يواريني رمسي. ما فاتني الجهد الذي بذلته لإرضاء والدي. فقد كنت أقرأ في قلبك حقيقة نفسك وأنت تسدل عليها ستار تمثيلك؛ ولهذا أقسمت ألا اسلم يدي إلى سواك، ولكنك لن تتسلم هذه اليد، فكل شيء يفصلني عنك حتى إرادتك. فهاأنذا أنخرط في سلك الرهبنة لأبر بقسم أقسمته أمام الله في الحديقة بين ذراعيك وأقسمته أيضاً وأنت تخنق زفراتك، وتقضي على كرامة نفسك.

(اليوم أتشح السواد، وأسدل على وجهي النقاب. وهذا الكتاب وهو آخر فكر أوجهه إلى هذه الحياة، وحتى تطلع عليه تكون حبيبتك مرغريت دي بارسلان قد ماتت عن هذا العالم لتحيى بالله. . .)

الراهبة إيناس

ف. ف

<<  <  ج:
ص:  >  >>