يأسف على عجزه عن تحطيم رأس الرجل - فمثل هذا العمل يثير فضيحة حرية بالقضاء على مستقبله السياسي ومعركة الانتخابات على الأبواب - ولكنه كان مغيظاً محنقاً لأن غريمه لا يدرك في تلك اللحظة أن زوجه بين يديه هو أيضا. . .
وانتظر دقائق كالأجيال، وشعر أخيراً بحركة استدل بها على قيام الرجل وسمعه يقبل زوجه بحرية ويقول لها:(لو تعدل الدنيا. . . فزوجك الغبي ليس أهلاً لك وزوجتي ليست أهلاً لي. ولكن ما العمل؟!). . . ثم تسللا خارجين كما أتيا. . .
وكان الغضب قد أفسد على جلال بك مزاجه فقام هائجاً، وبحث عن سترته حتى عثر عليها وأخذ بيد صاحبته وخرجا في حذر ثم افترقا في الردهة. . .
ولبث ضيق الصدر شديد الكدر ساعة طويلة يلعن طه بك ويلعن زوجه المستهترة ولم تكن هذه أولى خيانتها، ولكنها وقعت على كثب منه بشعة لا يمكن أن تمحى من الذاكرة فسحقاً لهما!. . . وقام يتمشى في الحديقة فاراً بوجه الممتقع من الأعين جميعاً فؤاده المضطرم. وصح عزمه في تلك اللحظة على أن يسلم قياده لمغامرات الغرام الجنونية غير مبق على شيء ولو أدى الجنون إلى الظهور مع هدى في المجتمعات العامة وميادين السباق. وتملقته هذه الخواطر فأحس بارتياح ومضى يفيق من همومه ويتنبه إلى نفسه فاستطاع عند ذلك أن يشعر بتغير غريب، فعجب لشأنه وتناسى انشغاله، وبحث عن أسباب هذا التغير فوجد يديه تجسان السترة وكأنها أوسع مما كانت. . . ماذا حدث لها؟ يا للعجب. . . إنها أوسع مما يتصور. وخطر له خاطر غريب اضطرب له فؤاده، ولكي يتحقق من وساوسه وضع يده في جيب السترة وأخرج حافظة، لم تكن حافظته، ووجد بها بطاقة مكتوباً عليها (طه بك العارف).
ووضح الأمر، وعاوده القلق والحنق، ولم يكن ثمة خوف من الفضيحة، فسترات بدل السهرة متشابهة، ولكنه كان يشعر بحيرة شديدة ويسائل نفسه:(كيف يمكن أن تتبادل السترتان؟!)