وهذه الرواية هي الثانية التي يخرجها الأستاذ فتوح نشاطي. فأما الرواية الأولى (تحت سماء أسبانيا) فقد كان نجاحه فيها شاملاً. سيطر على المجموعة سيطرة تامة فنال عن طريق ذلك الفوز المبين. أما في هذه الرواية فقد أفلت منه البعض برغمه؛ فما يستطيع أن يقوم اللسان المعوج أو العود المائل اللذين لم يقومهما الزمن، ومع ذلك فقد نجحت الرواية. وقد كان بارعاً البراعة كلها في ترتيب وتنظيم المنظرين اللذين ظهرا في الرواية، فقد نثر الأثاث في ظرف وأناقة بحيث لا يعوق الممثلين ولا يقصر عن حاجتهم، وكانت الحوائط قد زانتها الصور والمرايا في تناسق مثير وأناقة بالغة؛ وكأني بالمخرج ينظم عشه ويجمل الإطار الذي يعيش فيه.
أما التمثيل فقد كان موفقاً في أغلب المواقف. وليس يعاب على البعض إلا تعثره في الكلمات التي لم تعها الذاكرة الكليلة؛ وبالتالي إخفاقه في إنجاح المشاهد التي تعثر فيها. وعلى أي حال فلا بد من التنبيه إلى أن أول ما يعنى به الممثل هو حفظه دوره حفظاً تاماً فإذا لم يفعل فليس غريباً أن يخفق مهما كان فاهماً لدوره
وبعد فقد نجحت الرواية نجاحاً حد منه أنها خرجت بغير ثوبها الأصلي، فإن من رأينا ألا تمصر الروايات وأن يكتفي بترجمتها وإخراجها كما هي منسوبة إلى مؤلفيها دون سواهم. ومن رأينا كذلك أنه إذا عن لبعضهم أن يقتبس فكرة من رواية فليؤد معنى الاقتباس أداء دقيقاً وافياً فيأخذ الفكرة ويخضعها للبيئة التي ينقلها إليها ثم يكتب روايته من جديد غير ناظر إلى الرواية المصرية، فلا ينقل منها حواراً بنصه بل بروحه حتى يكون له فضل التأليف لا فضل النقل.